ألا فلا حجّ له ، ألا فلا صوم له ، ومن تاب تاب الله عليه » (١) .
﴿فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ﴾ التي نوديتم لها ﴿فَانْتَشِرُوا﴾ وتفرّقوا ﴿فِي﴾ وجه ﴿الْأَرْضِ﴾ لإقامة مصالحكم وقضاء حوائجكم وإصلاح معاشكم ﴿وَابْتَغُوا﴾ أيّها المؤمنون ، واطلبوا لأنفسكم وأهليكم الرزق الحلال الذي هو ﴿مِنْ فَضْلِ اللهِ﴾ وإحسانه إليكم. روي أنّه قال : « طلب الكسب بعد الصلاة فريضة (٢) بعد الفريضة » (٣) .
وعن ابن عباس : لم يؤمروا بطلب شيء من الدنيا ، إنّما هو عيادة المرضى ، وحضور الجنائز ، وزيارة أخ في الله (٤) . وعن أنس ، عن النبي صلىاللهعليهوآله ما يقرب منه (٥) .
﴿وَاذْكُرُوا اللهَ﴾ في جميع الأوقات والأحوال ذكرا ﴿كَثِيراً﴾ ولا تخصّوا ذكره بحال الصلاة ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وتنجون من المهالك ، وتفوزون بأعلى المقاصد.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « إذا أتيتم السوق فقولوا : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كلّ شيء قدير ، فانّ من قالها كتب الله له ألف ألف حسنة ، وحطّ عنه ألف ألف سيئة ، ورفع له ألف ألف درجة » (٦) .
﴿وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ
اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)﴾
ثمّ لمّا نهى الله سبحانه المؤمنين عن البيع والتجارة وقت النداء ، وبّخ سبحانه الذين أقبلوا إلى التجارة حين خطبة النبي صلىاللهعليهوآله بقوله : ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ﴾ سمعوا ﴿لَهْواً﴾ وصوت طبل وصفق ﴿انْفَضُّوا﴾ وتفرّقوا من حولك متوجّهين ﴿إِلَيْها﴾ حبّا للدنيا وزخارفها ﴿وَتَرَكُوكَ﴾ وحيدا ﴿قائِماً﴾ على المنبر.
روي أن دحية بن خليفة الكلبي قدم المدينة بتجارة من الشام ، وكان قبل إسلامه ، وكان بالمدينة مجاعة وغلاء سعر ، وكان معه جميع ما يحتاج إليه من برّ ودقيق وزيت وغيرها ، والنبي صلىاللهعليهوآله يخطب يوم الجمعة ، فلمّا علم أهل المسجد ذلك قاموا إليه خشية أن يسبقوا إليه ، فما بقي معه إلّا ثمانية أو أحد عشر أو اثنا عشر أو أربعون ، وفيهم عليّ عليهالسلام وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة [ ابن ] الجرّاح وسعيد بن زيد وبلال وعبد الله بن
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ٥٢٤.
(٢) في تفسير روح البيان : هو الفريضة.
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ٥٢٥.
(٤) تفسير أبي السعود ٨ : ٢٥٠.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٤٣٥ ، تفسير الصافي ٥ : ١٧٥.
(٦) تفسير الرازي ٣٠ : ٩.