وطور سنين الكوفة ، وهذا البلد الأمين مكة » (١) .
وعنه عليهالسلام في تأويل الكلمات قال : « التين والزيتون الحسن والحسين عليهماالسلام ، وطور سينين أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهذا البلد الأمين محمد » (٢) .
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٤) و (٥)﴾
ثمّ ذكر سبحانه المقسم عليه بقوله : ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا﴾ وأوجدنا ﴿الْإِنْسانَ﴾ كائنا ﴿فِي أَحْسَنِ﴾ ما يكون من ﴿تَقْوِيمٍ﴾ وتعديل صورة (٣) ومعنى ، حيث سواه مستوي القامة ، متناسب الأعضاء ، حسن الشكل ، مدبّرا في الامور ، متصرّفا في الموجودات ، جامعا لانموذج ما في عالم الوجود ، قابلا (٤) للكمالات الظاهرية والباطنية ﴿ثُمَ﴾ بعد استجماعه لجميع ما يتوقّف عليه صعوده إلى أعلى علّيين ﴿رَدَدْناهُ﴾ بالخذلان وسوء الأخلاق والأعمال من أحسن تقويم وجعلناه ﴿أَسْفَلَ سافِلِينَ﴾ وأقبح (٥) المخلوقين وأنزل الموجودين ، وصيرناه إلى النار.
روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : « وضع أبواب جهنّم بعضها أسفل من بعض ، فيبدأ بالأسفل فيملا وهو أسفل سافلين » (٦) .
وعن ابن عباس : يريد أرذل العمر (٧) ، والمعنى ثمّ جعلناه أضعف الضعفاء ، وهم الزمنى الذين لا يستطيعون حيلة ولا يجدون سبيلا.
﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ
بِالدِّينِ (٦) و (٧)﴾
ثمّ اعلم أنّه على التفسير الأول يصحّ الاستثناء المتّصل بقوله : ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿أَجْرٌ﴾ وثواب ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ ومنقطع ولا منقوص ، أو المراد ثواب لا منّة فيه.
وعلى التفسير الثاني يكون الاستثناء منقطعا ، والمعنى : ولكن الضّعفاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر دائم على إيمانهم وأعمالهم وصبرهم على الابتلاء بالضّعف والهرم على مقاساة المشاقّ وتحمّل كلفة العبادة.
وعن الكاظم عليهالسلام في تأويل الآيات قال : « الانسان : الأوّل ﴿ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ﴾ ببغضه أمير
__________________
(١) الخصال : ٢٢٥ / ٥٨ ، معاني الأخبار : ٣٦٤ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٦.
(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٩٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٦.
(٣) في النسخة : صورتنا.
(٤) في النسخة : قائلا.
(٥) في النسخة : وافتح.
(٦و٧) تفسير الرازي ٣٢ : ١١.