فضربني ، وكنت رجلا ضعيفا ، فقامت امّ الفضل إلى عمود فضربته على رأسه وشجّته ، وقالت : تستضعفه أن غاب سيده ، والله نحن مؤمنون منذ أيام كثيرة ، وقد صدق فيما قال. فانصرف ذليلا ، فو الله ما عاش إلّا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته ، ولقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثا ما دفناه حتى أنتن في بيته ، وكانت قريش تتّقي العدسه وعدواها كما يتّقى الطاعون ، وقالوا : نخشى هذه القرحة ، ثمّ دفنوه وتركوه ، فهذا معنى ﴿ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ﴾(١) . وقيل : ثمّ استأجروا بعض السودان واحتملوه ودفنوه (٢) . وقيل : لم يحفروا له حفيرة ، ولكن أسندوه إلى حائط وقذفوا عليه الحجارة من خلف الحائط حتّى واروه (٣) . وفي رواية حضروا له ثمّ دفعوه بعود في حفرته ، وقذفوه بالحجارة من بعيد حتّى واروه (٤) .
﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)﴾
ثمّ هدد سبحانه زوجته الكافرة بقوله : ﴿وَامْرَأَتُهُ﴾ وزوجته المسمّاه أم جميل (٥) ستصلى أيضا مع زوجها نار جهنم. وقيل : إنّ اسمها العوراء ، وكنيتها امّ جميل ، وهي اخت أبي سفيان بن حرب (٦) ، وكانت ﴿حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ قيل : كانت تحمل الشوك والحسك والسّعدان (٧) بالليل وتنشرها في طريق رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى صار هو صلىاللهعليهوآله وأصحابه في شدّة وعناء (٨) .
وقيل : كان النبي صلىاللهعليهوآله يطأها كما يطأ الحرير (٩) .
وقيل : إنّها مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدّة بخلها ، فذمّها سبحانه بالبخل ، ولقب حمّالة على الذمّ ، يعني أذمّ حمالة الحطب (١٠) .
وقيل : ذمّها سبحانه بكونها نمّامة ، وحمل الحطب كناية عن مشيها بالنميمة ، فانّها كانت تمشي بالنميمة وتفسد بين الناس ، كأنّها تحمل الحطب وتوقده ، أي (١١) توري بينهم نائرة الشرّ (١٢) .
وقيل : كناية عن حمل الآثام (١٣) والمعاصي ، تحمل الحطب لإحراق نفسها (١٤) .
﴿فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٧٠.
( ٢ - ٤ ) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٣٤.
(٥) في النسخة : جميلة.
(٦) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٣٤.
(٧) السّعدان : نبت ذو شوك.
(٨و٩) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٣٤.
(١٠) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٣٥.
(١١) في النسخة : وتوقدها وتوري.
(١٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٣٥.
(١٣) تفسير الرازي ٣٢ : ١٧٢.
(١٤) في النسخة : نفسه.