القمي : ظلموا آل محمد (١)﴿عَذاباً﴾ أليما في الدنيا ﴿دُونَ ذلِكَ﴾ العذاب الموعود في الآخرة وقبله ، أو أخفّ منه. عن القمي : عذاب الرجعة بالسيف (٢) . وقيل : يعني عذابا أخفّ قيل العذاب بالقتل ، وهو العذاب بالقحط (٣) . وقيل : يعني وراء عذاب الدنيا ، وهو عذاب الآخرة (٤) .
﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ﴾ لفرط جهلهم وعنادهم ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ ذلك ، وإنّما يعلمه أقلّهم ، وهم الذين آمنوا. وقيل : يعني أنّهم في أكثر أحوالهم - وهو حال اشتغالهم بالدنيا - لا يعلمون ، وفي أقلها - وهو حال احتضارهم - يعلمون. وقيل : إنّ أكثر هنا بمعنى الكلّ (٥) .
﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٨) و (٤٩)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه عناد القوم وكيدهم في شأن رسوله ، سلّاه بقوله : ﴿وَاصْبِرْ﴾ يا محمد ، على عناد القوم وأذاهم ﴿لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ بإمهالهم إلى اليوم الموعود ، ولا يضيق صدرك بما يقولون ، ولا تخف من كيدهم ﴿فَإِنَّكَ﴾ محفوظ من الآفات جميعها ﴿بِأَعْيُنِنا﴾ وفي مرآنا ، أو بحفظنا وفي حمايتنا.
وجمع العين لجمع الضمير ، وللإيذان بغاية الاعتناء بحفظه وبكثرة أسبابه.
ولا تدع على أعدائك ، ولا تشغل قلبك بالتفكّر في سوء فعالهم وأقوالهم ، بل فرّغه للعبادة ﴿وَسَبِّحْ﴾ الله ونزّهه عن النقائص الإمكانية ، واقرن تسبيحك ﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ على نعمه عليك ﴿حِينَ تَقُومُ﴾ من النوم لصلاة الليل ، كما عن القمي (٦) . أو تقوم من النوم في أيّ وقت ، كما روي أنّه صلىاللهعليهوآله كان يسبّح بعد الانتباه (٧) . أو تقوم من مجلسك ، لما روي عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه ، فقال قبل أن يقوم : سبحانك اللهمّ وبحمدك ، أشهد أنّ لا إله إلّا أنت ، استغفرك وأتوب إليك ، كان كفارة لما بينهما » (٨) . أو تقوم إلى الصلاة ، لمّا روي عنه صلىاللهعليهوآله : « إذا قمت إلى الصلاة ، فقل : سبحانك اللهمّ وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك » (٩) .
أقول : أو في جميع تلك الأوقات المذكورة في الروايات.
﴿وَ﴾ بعضا ﴿مِنَ اللَّيْلِ﴾ أوله ، أو آخره ﴿فَسَبِّحْهُ﴾ فانّه أفضل أوقات العبادة. وقيل : القدر الذي
__________________
(١و٢) تفسير القمي ٢ : ٣٣٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٨٣.
(٣) تفسير أبي السعود ٨ : ١٥٢ ، تفسير روح البيان ٩ : ٢٠٥.
(٤) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٧٣ ، تفسير أبي السعود ٨ : ١٥٣ ، تفسير روح البيان ٩ : ١٠٥.
(٥) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٧٤.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٣٣٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٨٣.
(٧) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٧٥.
(٨) تفسير روح البيان ٩ : ٢٠٧.
(٩) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٧٥.