في تفسير سورة القمر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)﴾
ذكر معجزة شقّ القمر
ثمّ لمّا ختمت سورة النجم المختتمة باثبات النبوة ، والإخبار بقرب القيامة ، وتوبيخ المشركين على إنكارها ، نظمت سورة القمر المبدوءة بالإخبار بقرب يوم القيامة ، والاستدلال عليه بانشقاق القمر باعجاز النبي صلىاللهعليهوآله الذي هو من أشراط الساعة ، وتوبيخ المشركين على إنكار بنوّته ، ونسبة معجزاته إلى السحر واتّباعهم هوى أنفسهم ، فابتدأها بذكر الأسماء الحسنى بقوله تعالى : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ افتتحها بالإخبار بقرب القيامة بقوله : ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ ودنت القيامة ، وقرب قيامها ووقوعها.
روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « أنا والساعة كهاتين » (١) وضمّ وجمع بين سبابته ووسطاه.
وعنه صلىاللهعليهوآله : « أنّ الله جعل الدنيا قليلا ، فما بقي منها قليل من قليل » (٢) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « مثلي ومثل الساعة كفرسي رهان » (٣) .
ثمّ لما كان انشقاق القمر من أشراط الساعة ، قرن سبحانه الإخبار به باقترابها بقوله : ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ وصار فلقتين ، وحصلت آية اقترابها.
روي أنّه خطب حذيفة بن اليمان بالمدائن ، وكان من خطبته : ألا إنّ الساعة قد أقتربت ، وإنّ القمر قد انشقّ على عهد نبيّكم (٤) .
وعن ابن عباس رضوان الله عليه : أنّه اجتمع المشركون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : إن كنت صادقا فشقّ لنا القمر فرقتين. فقال لهم : « إن فعلت تؤمنوا ؟ » فقالوا : نعم. وكانت ليلة بدر ، فسأل ربّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشقّ القمر فرقتين ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله ينادي : « يا فلان ، يا فلان ، اشهدوا » (٥) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٩ و٣٠.
(٢و٣) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٢.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٣.
(٥) مجمع البيان ٩ : ٢٨١ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٩.