الاستقرار في الجنّة أو النار (١) .
وقيل : إنّه المقصود أنّ الناس تنتقل أحوالهم يوم القيامة ممّا كانوا عليه في الدنيا (٢) فانّ الله لما أخبر عن حال من يؤتى كتابه وراء ظهره ، وأنّه كان في أهله مسرورا ، وأنه ظنّ أن لن يحور ، أخبر أنه يحور. ثمّ أقسم على أنّ الناس يركبون طبقا عن طبق في الآخرة ، أي حالا بعد حالهم في الدنيا.
وقيل : يعني لتركبنّ سنّة الأولين ممّن كانوا قبلكم في تكذيب الرسل والقيامة (٣) .
عن الصادق عليهالسلام : « ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ﴾ أي سنن من كان قبلكم » (٤) .
وعنه عليهالسلام : « لتركبنّ سنن من كان قبلكم من الأولين وأحوالهم » (٥) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أي لتسلكنّ (٦) سبيل من كان قبلكم من الامم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء » (٧) .
وعن الباقر عليهالسلام قال : « أولم تركب هذه الامّة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان » (٨) .
وعن القمي : يقول : لتركبنّ سبيل (٩) من كان قبلكم ، حذو النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة لا تخطئن طريقهم ، ولا يخطئ (١٠) شبر بشير وذراع بذراع وباع بباع ، حتى أنّه لو كان من كان قبلكم دخل في جحر ضبّ لدخلتموه ؟ قالوا اليهود والنصارى : من تعني يا رسول الله ؟ قال : « فمن أعني ، لتنقضنّ عرى الاسلام عروة عروة ، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الإمامة ، وآخره الصلاة » (١١) .
﴿فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا
يُكَذِّبُونَ * وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٠) و (٢٥)﴾
ثمّ لمّا بيّن سبحانه صحّة البعث بالآيات المعجزات ، وبّخ المشركين على عدم إيمانهم ، وأظهر التعجّب منه بقوله : ﴿فَما لَهُمْ﴾ من العذر ، وأي مانع لهم أنّهم ﴿لا يُؤْمِنُونَ﴾ بهذا القرآن وما فيه من الإخبار بالبعث والحساب ؟ ﴿وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ﴾ مع ما فيه من العلوم والإعجاز ﴿لا
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ١٠٩ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٣٨١.
(٢و٣) تفسير الرازي ٣١ : ١١٠.
(٤) كمال الدين : ٤٨٠ / ٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٠٥.
(٥) جوامع الجامع : ٥٣٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٠٥.
(٦) في النسخة : لتركبنّ.
(٧) الاحتجاج : ٢٤٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٠٦.
(٨) تفسير القمي ٢ : ٤١٣ ، الكافي ١ : ٣٤٣ / ١٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٠٦.
(٩) في المصدر : سنّة.
(١٠) في المصدر : ولا تخطئون طريقتهم.
(١١) تفسير القمي ٢ : ٤١٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٠٦.