في معصية الله وتعريفها للعذاب.
ثمّ بيّن سبحانه علّة تحريم إخراجهن وخروجهنّ بقوله : ﴿لا تَدْرِي﴾ أيّها الزوج المطلّق ﴿لَعَلَّ اللهَ﴾ ويرجى أنّه ﴿يُحْدِثُ﴾ ويوجد ﴿بَعْدَ ذلِكَ﴾ الذي فعلت من الطلاق ﴿أَمْراً﴾ آخر من الندم والمحبّة للمطلّقة والإقبال إليها.
عن ابن عباس : يريد الندم على طلاقها ، والمحبّة لرجعتها في العدّة (١) .
وعن القمي قال : لعلّه يبدو لزوجها في الطلاق فيراجعها (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : « أحب للرجل الفقيه إذا أراد أن يطلّق امرأته أن يطلّقها طلاق السّنّة » ثمّ قال : « وهو الذي قال الله عزوجل : ﴿لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً﴾ [ يعني بعد الطلاق وانقضاء العدّة التزويج بها من قبل أن تزوّج زوجا غيره » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : « المطلّقة تكتحل وتختضب وتطيب وتلبس ما شاءت من الثياب لأنّ الله عزوجل يقول : ﴿لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً﴾] لعلّها أن تقع في نفسه فيراجعها » (٤) .
روي بعض العامة عن أنس : أن رسول الله طلّق حفصة بنت عمر ، فأتت إلى أهلها ، فنزلت(٥).
وعن الكلبي : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله غضب على حفصة لمّا أسرّ إليها فاظهرته لعائشة ، فطلّقها تطليقة ، فنزلت (٦) .
أقول : لعلّ نزولها لخروجها إلى أهلها ، فلمّا نزلت راجعها.
وقيل : إنّها نزلت في عبد الله بن عمر ، فانّه طلّق امرأته في الحيض. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : « فاذا راجعها ، فاذا ظهرت طلّقها إن شئت » فنزلت ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ﴾(٧) .
﴿فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٢) و (٣)﴾
ثمّ بيّن سبحانه حكم الرجوع في العدّة بقوله : ﴿فَإِذا بَلَغْنَ﴾ المطلّقات وقربن ﴿أَجَلَهُنَ﴾ وآخر مدّة عدّتهن ، وأشرفن على انقضائها ﴿فَأَمْسِكُوهُنَ﴾ وارجعوا إلى نكاحهنّ إن شئتم ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ٣٣.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٧٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٧.
(٣) الكافي ٦ : ٦٥ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٧.
(٤) الكافي ٦ : ٩٢ / ١٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٧.
(٥) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٩.
(٦) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٩.
(٧) تفسير روح البيان ١٠ : ٢٥.