رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يلبس الدّرع ويقول : ( سيهزم الجمع ) (١) .
وقال ابن عباس : كان بين نزول الآية وبين يوم بدر سبع سنين (٢) . وهذا من معجزاته صلىاللهعليهوآله ، حيث أخبر عن الغيب ، فكان كما أخبر.
وقيل : إنّ الدّبر بملاحظة كلّ واحد ، أو لتنزيل فرار جميعهم منزلة فرار شخص واحد ، والمراد أنّهم في التولية كنفس واحد لا يتخلّف أحدهم من الجميع (٣) .
ثمّ أخبر سبحانه بأنّه ليس ذلك تمام عقوبتهم بقوله تعالى : ﴿بَلِ السَّاعَةُ﴾ ويوم القيامة ﴿مَوْعِدُهُمْ﴾ ووقت عذابهم ، وهذا العذاب في الدنيا من طلائعه ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهى﴾ وأعظم فظيعة ﴿وَأَمَرُّ﴾ وأشدّ عذابا من يوم بدر وأدوم.
﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ
ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٧) و (٤٩)﴾
ثمّ بيّن سبحانه حال المشركين المعارضين للنبي صلىاللهعليهوآله في ذلك اليوم بقوله : ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ﴾ والطّغاة في ذلك اليوم مستقرّون ﴿فِي ضَلالٍ﴾ وهلاك ، أو بعد من طريق الوصول إلى الرحمة والجنة ﴿وَ﴾ في ﴿سُعُرٍ﴾ ونيران موقدة. وقيل : إنّ المراد أنّ المشركين المجرمين في الدنيا في ضلال وجنون لا يعقلون ولا يهتدون إلى الحقّ ، وفي الآخرة في سعر ونيران (٤) .
ويقال لهم ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ﴾ ويجرّون ﴿فِي النَّارِ﴾ بعنف ﴿عَلى وُجُوهِهِمْ﴾ أيّها المجرمون ﴿ذُوقُوا﴾ وأدركوا أكمل الإدراك ﴿مَسَّ سَقَرَ﴾ ولمس نار جهنم وألمها.
قيل : إنّ سقر علم لجهنّم (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ في جهنم لواديا [ للمتكبرين ] يقال له سقر ، شكا إلى الله شدّة حرّه ، وسأله أن يأذن له أن يتنفّس ، فتنفس فأحرق جهنّم » (٦) .
ثمّ بيّن سبحانه كمال قدرته لتهويل العباد بقوله تعالى : ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ﴾ وموجود في عالم الأجسام والأرواح والملك والملكوت من الجواهر والأعراض نحن ﴿خَلَقْناهُ﴾ وأوجدناه ﴿بِقَدَرٍ﴾ وحدّ معين اقتضته الحكمة ، مكتوب في اللّوح المحفوظ قبل وجوده.
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٨ : ١٧٤ ، تفسير روح البيان ٩ : ٢٨٢.
(٢) تفسير روح البيان ٩ : ٢٨٢.
(٣) تفسير الرازي ٢٩ : ٦٨.
(٤) تفسير الرازي ٢٩ : ٧١.
(٥) تفسير أبي السعود ٨ : ١٧٤ ، تفسير روح البيان ٩ : ٢٨٣.
(٦) عقاب الأعمال : ٢٢٢ ، تفسير روح البيان ٥ : ١٠٤.