في تفسير سورة التين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)﴾
ثمّ لمّا ختمت السورتان المتضمّنتان لمنن الله على أشرف الخلق وأفضل البشر ، نظمت سورة التين ، المتضمّنة لبيان منّته على عموم البشر بتحسين خلقهم ، وعلى مؤمنيهم بالأجر العظيم ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ ابتدأها بالقسم بخير الفواكه وأحمدها بقوله : ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ المشهورين ، كما عن ابن عباس أنّه قال : هو تينكم وزيتونكم هذا (١) ، أمّا القسم بالتين فلفضله وخواصّه ، حيث إنّه غذاء وفاكهة ودواء. قيل : إنّ الأطباء قائلون بأنّه طعام لطيف سريع الهضم ، يلين الطبع ، ويسمن البدن ، ويقلل البلغم ، ويطهّر الكليتين ، ويزيل الرمل المتكون في المثانة ويفتح مسامّ الكبد والطّحال (٢) .
وروي : أنّه اهدي لرسول الله صلىاللهعليهوآله طبق من تين ، [ فاكل منه ] ثمّ قال للصحابة : « كلوا. فلو قلت : إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه ، لأنّ فاكهة الجنّة بلا عجم ، فكلوها فانّها تقطع البواسير ، وتنفع من النّقرس » (٣) .
وعن الرضا عليهالسلام بطريق عامّي : « التين يزيد نكهة الفم ، ويطوّل الشعر ، وهو أمان من الفالج»(٤) .
وأمّا الزيتون فهي ثمرة الشجرة المباركة المذكورة في القرآن ، هو أيضا غذاء ودواء وفاكهة ، ودهنه كثير المنافع مع حصوله في بقاع لا دهن فيها كالجبال ، قيل : تعمّر شجرته ثلاثة آلاف سنّة ، وتصبر عن الماء مدّة طويلة ، ورماد ورقها ينفع العين كحلا ويقوم مقام التّوتيا (٥) .
وفي الحديث العامي : « عليكم بالزيت ، فانّه يكشف المرّة ، ويذهب البلغم ، ويشدّ العصب ، ويمنع
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ٨.
(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ٨.
(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ٨ ، والنقرس : مرض مؤلم يحدث في مفاصل القدم وفي إبهامها أكثر ، ويسمّى داء الملوك.
(٤) تفسير الرازي ٣٢ : ٨.
(٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٦٦ ، والتّوتياء : حجر يكتحل بمسحوقه.