يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما ، فالاسلام قبل الايمان ، وهو يشارك الايمان » الخبر (١) .
وعن الباقر عليهالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : « الاسلام علانية ، والايمان في القلب » وأشار إلى صدره (٢) .
وفي رواية : « الاسلام : هو الظاهر الذي عليه الناس ، وهو شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحجّ البيت ، وصيام شهر رمضان ، فهذا الاسلام والايمان : معرفة هذا الأمر مع هذا ، فإن أقرّ بها ولم يعرف هذا الأمر ، كان مسلما ، وكان ضالا » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ الاسلام قبل الايمان ، وعليه يتوارثون ويتناكحون ، والايمان عليه يثابون » (٤) ولذا قال سبحانه : ﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ عن الايمان الخالص وترك النفاق ﴿لا يَلِتْكُمْ﴾ ولا ينقصكم ﴿مِنْ﴾ اجور ﴿أَعْمالِكُمْ﴾ وثوابها ﴿شَيْئاً﴾ يسيرا.
وقيل : إن أتيتم بما يليق بضعفكم من الأعمال الحسنة المقرونة بالاخلاص وترك النفاق ، فهو تعالى يأتكم بما يليق بفضله من الجزاء ، لا ينقص منه شيئا ، نظرا إلى ما في حسناتكم من النّقصان والتقصير (٥) .
﴿إِنَّ اللهَ غَفُورٌ﴾ وستّار لما فرط من المطيعين ﴿رَحِيمٌ﴾ بهم ومتفضّل عليهم بالثواب العظيم.
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ
وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ
يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ
أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما
تَعْمَلُونَ (١٥) و (١٨)﴾
ثمّ وصف سبحانه حقيقة الايمان إرشادا للأعراب القائلين : آمنا بقوله : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ الذين يحقّ منهم دعوى الايمان ، ويصدقون في دعواه ، هم ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عن صميم القلب ﴿بِاللهِ وَرَسُولِهِ﴾ بالتوحيد والرسالة ﴿ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا﴾ ولم يشكّوا بسبب تشكيك المشكّك ، ولم يختلج
__________________
(١) الكافي ٢ : ٢٣ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٥.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٢٠٨ ، وتفسير الصافي ٥ : ٥٦ ، عن النبي صلىاللهعليهوآله.
(٣) الكافي ٢ : ٢٠ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٥.
(٤) الكافي ١ : ١٣٢ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٥.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٩٣.