قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]

نفحات الرحمن في تفسير القرآن

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]

تحمیل

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]

88/646
*

في غاية النقص والحقارة ، وكون الله تعالى في نهاية الكمال والعظمة ﴿قِسْمَةٌ ضِيزى﴾ وجائرة ، حيث إنّ العقل حاكم بأنّ الله لا يلد ، وعلى فرض الولادة لا يختار لنفسه إلّا الولد الكامل ﴿إِنْ﴾ الالفاظ التي تديرونها على ألسنتكم من قولكم : إنّ الملائكة بنات الله وشفعاؤكم ، وإنّ الأصنام آلهة ، وما ﴿هِيَ﴾ في الواقع والحقيقة ﴿إِلَّا أَسْماءٌ﴾ لا مسمّيات لها ، والألفاظ لا معنى تحتها ﴿سَمَّيْتُمُوها﴾ ووضعتموها ﴿أَنْتُمْ﴾ تقليدا لآبائكم ، ﴿وَ﴾ وضعها ﴿آباؤُكُمْ﴾ تبعا لكبرائهم ، والحال أنّه ﴿ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ﴾ وحجة وبرهان تتمسكون به وتعتمدون عليه.

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى * أَمْ

 لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى * وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا

 تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٣) و (٢٦)

ثمّ أعرض سبحانه عنهم إيذانا بسقوطهم عن قابلية الخطاب بسفههم ، ووجّه الخطاب إلى العقلاء بقوله : ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ﴾ هؤلاء السّفهاء في تسمية الملائكة الذين هم عباد الله المكرمون بنات الله ، واللات والعزّى ومناة اللاتي كلّهن عجزة وغير شاعرات بالآلهة ﴿إِلَّا الظَّنَ﴾ السيء والحسبان الباطل ﴿وَما تَهْوَى﴾ وتشتهي ﴿الْأَنْفُسُ﴾ الأمّارة بالسوء ﴿وَ﴾ الحال أنّه بالله ﴿لَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ﴾ جانب ﴿رَبِّهِمُ﴾ اللطيف بهم ﴿الْهُدى﴾ وأسباب الرّشاد إلى الحقّ من رسول عليم كريم وكتاب حكيم ، وهم لكثرة جهلهم وعنادهم كذبوهما واستهزءوا بهما.

ثمّ أنكر سبحانه عليهم اتّباع الهوى واشتهاء الأنفس بقوله : ﴿أَمْ لِلْإِنْسانِ﴾ وهل له ﴿ما تَمَنَّى﴾ وتشتهيه من القول بأنّ الملائكة بنات الله والشفعاء عنده ، وأنّ الاصنام آلهة ، لا والله لا يحصل لهم ما يشتهونه.

ويحتمل أن لا تكون كلمة ( أم ) منقطعة ، بل متّصلة ، والمعنى : الله القادر على كلّ شيء ما أراد ، أم للانسان العاجز عن كلّ ما يشتهيه ، فاذا كانوا متّبعين لهواهم وظنونهم ﴿فَلِلَّهِ﴾ وحده الدار ﴿الْآخِرَةُ وَالْأُولى﴾ يعاقبهم فيهما على مخالفتهم لله.

قيل : إنّ الآية بيان العلّة لانتفاء أن يكون للانسان ما تمنّاه (١) ، والمعنى : ليس للانسان ما تمنّاه ، لاختصاص امور العالمين به ، فيعطي من أيّهما ما يريد لمن يريد ، وليس لأحد أن يحكم عليه في شيء منهما.

__________________

(١) تفسير أبي السعود ٨ : ١٥٩ ، تفسير الصافي ٩ : ٢٣٦.