في تفسير سورة الطارق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ * وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ (١) و (٣)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة البروج المبدؤة بالحلف بالسماء ذات البروج ، المتضمّنة لبيان كونه تعالى مبدأ الخلق ومعيدهم للجزاء ، وكونه محيطا بالكفّار ، وبيان عظمة القرآن ، وتكذيب الكفّار إياه ، نظمت سورة الطارق المبدؤة بالحلف بالسماء والنجم الثاقب ، المتضمّنة لبيان كونه تعالى حافظا لجميع النفوس ، وبيان بدء خلقه الانسان وإرجاعه بعد الموت إلى الحياة لجزاء الأعمال ، وبيان كون القرآن فاصلا بين الحقّ والباطل ، وأنّ الكفّار يكيدون في إبطاله ، وتهديدهم بالعذاب ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ ابتدأها بالحلف بما فيه ظهور كمال قدرته بقوله : ﴿وَالسَّماءِ﴾ التي فيها من العجائب والآيات ما فيه دلالة ظاهرة على كمال قدرته وحكمته ، ﴿وَ﴾ الشيء ﴿الطَّارِقِ﴾ والظاهر بالليل ﴿وَما أَدْراكَ﴾ وأي شيء أعلمك ﴿مَا الطَّارِقُ﴾ وأيّ شيء هو.
ثمّ كأنّه قيل : ما هو ؟ فقال سبحانه : ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ والكواكب المضيء الذي ينفذ نوره في الأفلاك ، وهو زحل ، حيث إنّه في السماء السابعة.
عن الصادق عليهالسلام : أنّه قال لرجل من أهل اليمن : « ما زحل عندكم في النجوم ؟ » قال اليماني : نجم نحس. فقال : « لا تقولوا هذا ، فانّه نجم أمير المؤمنين ، وهو نجم الأوصياء ، وهو النجم الثاقب الذي قال الله في كتابه » .
فقال اليماني : فما يعني بالثاقب ؟ قال : « لأنّ مطلعه السماء السابعة ، وإنّه يثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا ، فمن ثمّ سمّاه الله النجم الثاقب » (١) .
روى بعض العامة : أنّ أبا طالب أتى النبي صلىاللهعليهوآله فأتحفه بخبز ولبن ، فبينما هو جالس يأكل إذ انحطّ
__________________
(١) الخصال : ٤٨٩ / ٦٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣١٣.