إلى أن قال : وأول من يصعد جبرئيل حتى يصير أمام الشمس ، فيبسط جناحين أخضرين ، لا ينشرهما إلّا تلك الساعة من يوم تلك الليلة ، ثمّ يدعوه ملكا ملكا ، فيصعد الكلّ ، ويجتمع نور الملائكة ونور جناح جبرئيل ، فيقيم جبرئيل ومن معه من الملائكة بين الشمس والسماء الدنيا يومهم ذلك مشغولين بالدعاء والرحمة والاستغفار للمؤمنين ولمن صام شهر رمضان احتسابا ... الخبر (١) .
وقيل : إنّ الرّوح ملك عظيم لو التقم السماوات والأرضين كان ذلك له لقمة واحدة (٢) .
وقيل : هو ملك رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، وله ألف رأس ، كلّ رأس أعظم من الدنيا ، وفي كلّ رأس ألف وجه ، وفي كلّ وجه ألف فم ، وفي كلّ فم ألف لسان ، يسبّح الله بكلّ لسان ألف نوع من التسبيح والتحميد والتمجيد ، لكلّ لسان لغة لا تشبه الاخرى ، فاذا فتح أفواهه بالتسبيح خرّ كلّ ملائكة السماوات سجّدا مخافة أن يحرقهم نور أفواهه ، وإنّما يسبّح الله غدوة وعشية ، فينزل تلك الليلة فيستغفر للصائمين والصائمات من امّة محمّد صلىاللهعليهوآله بتلك الأفواه إلى طلوع الفجر (٣) .
أقول : على تقدير صحّة النقل لا بدّ من تأويل نزوله بغير المعنى المتبادر منه.
وعن الباقر عليهالسلام : « أنّ الرّوح أعظم من جبرئيل ، وأنّ جبرئيل من الملائكة ، وأنّ الروح خلق أعظم من الملائكة ، أ ليس يقول الله تبارك وتعالى : ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ ﴾ »(٤) .
وعلى أي تقدير تتنزّل جميع الملائكة مع الرّوح لشرف تلك الليلة ﴿فِيها﴾ إلى الأرض بعد استئذانهم شوقا إلى لقاء المؤمنين ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ في النزول ﴿مِنْ﴾ أجل ﴿كُلِّ أَمْرٍ﴾ قدّر في تلك السنة من خير أو شرّ.
عن الصادق عليهالسلام : « إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة والرّوح والكتبة إلى السماء الدنيا ، فيكتبون ما يكون من قضاء في تلك السنة » (٥) .
وعن القمي رحمهالله ، قال : تنزّل الملائكة والرّوح القدس على إمام الزمان ، ويدفعون إليه ما كتبوه [ من هذه الامور ](٦) .
وعنه ، عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل : أتعرفون ليلة القدر ؟ فقال : « فكيف لا نعرف والملائكة يطوفون بنا
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ٣٣.
(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ٣٤ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٤٨٤.
(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٨٤.
(٤) الكافي ١ : ٣١٧ / ١ ، وتفسير الصافي ٥ : ٣٥٣ ، عن الصادق عليهالسلام.
(٥) تفسير القمي ١ : ٣٦٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٣.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٤٣١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٣.