البيت ، فأهويت بالمكنسة تحت السرير ، فاذا جرو ميت ، فأخذته والقيته خلف الجدار ، فجاء نبيّ الله صلىاللهعليهوآله يرتعد ، وكان إذا انزل الوحي استقبلته الرّعدة ، فقال : « يا خولة ، دثّريني ، فأنزل الله هذه السورة ، فلمّا نزل جبرئيل سأله النبي صلىاللهعليهوآله عن سبب تأخيره ، فقال : أما علمت أنّا لا ندخل بيتا فيه كذب ولا صورة » (١) .
وعن القمي ، عن الباقر عليهالسلام : « أنّ جبرئيل أبطأ على رسول الله صلىاللهعليهوآله وكانت أول سورة نزلت ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾(٢) ثمّ أبطأ عليه فقالت خديجة : لعلّ ربّك قد تركك فلا يرسل إليك ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ﴿ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ﴾» (٣) فليس الأمر كما قالوه ، بل الوحي يأتيك مدّة عمرك ، وتدوم محبّتي لك في الدنيا والآخرة.
﴿وَلَلْآخِرَةُ﴾ الباقية الصافية عن شوائب المضارّ والهموم والآلام ، وما أعددته لك فيها من النّعم والشّرف والكرامات ﴿خَيْرٌ لَكَ﴾ وأفضل ﴿مِنَ الْأُولى﴾ والدنيا الفانية الزائلة. وعن الصادق قال : « يعني الكرّة » (٤) .
﴿وَ﴾ والله ﴿لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ﴾ وعن قريب يتمّ نعمه الجسمانية والروحانية والظاهرية والباطنية والدنيوية والاخروية عليك ﴿فَتَرْضى﴾ غاية الرضا بعطاء ربّك وإفضاله.
قيل : لمّا قال سبحانه ﴿لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى﴾ كأنّه قيل : ما جهة خيريّتها ؟ قال سبحانه : إنّ الله يعطيه في الآخرة كلّ ما يريده ممّا لا تتّسع الدنيا له (٥) .
عن ابن عباس ، أنّه قال : ألف قصر في الجنّة من لؤلؤ أبيض ، ترابه المسك ، وفيها ما يليق [ بها](٦) .
عن الصادق عليهالسلام : « يعطيك من الجنّة ما ترضى » (٧) .
وعنه عليهالسلام : « دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله على فاطمة عليهاالسلام وعليها كساء من ثلّة (٨) الإبل وهي تطحن بيدها ، وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله لمّا أبصرها ، فقال : يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ، فقد أنزل الله عليّ ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ﴾» (٩) .
وفي رواية : قالت : « يا رسول الله ، الحمد لله على نعمائه ، والشكر على آلائه ، فأنزل الله ﴿وَلَسَوْفَ
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٥٤.
(٢) العلق : ٩٦ / ١.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٤٢٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٠.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٤٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٠.
(٥) تفسير الرازي ٣١ : ٢١٢.
(٦) تفسير الرازي ٣١ : ٢١٢.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٤٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٠.
(٨) الثّلّة : الصوف.
(٩) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٠.