نعم الجنة. قيل : فيه معنى التعجّب والتعظيم ، والمعنى ما أحسن رزقهم الذي رزقهم الله ، وما أعظمه (١) ! وقيل : إنّ المراد بالرزق الطاعة في الدنيا والثواب في الآخرة (٢) .
ثمّ لمّا بيّن سبحانه حسن المجازاة على الايمان والعمل الصالح ، ذكّر الناس كمال قدرته بقوله : ﴿اللهُ﴾ تعالى هو ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ بقدرته الكاملة ﴿سَبْعَ سَماواتٍ﴾ سوى العرش والكرسيّ بعضها فوق بعض كالقبّة ، ﴿وَ﴾ خلق ﴿مِنَ﴾ جنس ﴿الْأَرْضِ﴾ بعدد السماوات و﴿مِثْلَهُنَ﴾ في كونهنّ طباقا متلاصقة.
قيل : إنّ المراد من الأراضي السبعة الأقاليم السبعة على حسب سبع سماوات وسبع كواكب ، فانّ لكلّ واحد منها خواصا تظهر في كلّ إقليم ، فتصير الأرض بهذا الاعتبار سبعة (٣) .
وفي رواية عن الرضا عليهالسلام : « أنّ السماء الدنيا فوق هذه الأرض قبّة عليها ، وأنّ الأرض الثانية فوق سماء الدنيا ، والسماء الثانية فوقها قبّة ، وهكذا إلى السابعة منهما ، وهو قول الله : ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ » (٤) .
﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ﴾ من الله في السماوات السبع والأرضين السبع و﴿بَيْنَهُنَ﴾ ويجري حكمه وقضاؤه فيهنّ ، وإنّما خلق ما خلق وأنفذ في كلّ شيء قضاءه وقدره ﴿لِتَعْلَمُوا﴾ يا بني آدم ﴿أَنَّ اللهَ﴾ الذي خلقكم وخلق الموجودات ﴿عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الايجاد والإعدام والإعادة والبعث والحساب والجزاء بالثواب والعقاب في الآخرة ﴿قَدِيرٌ﴾ ومقتدر ﴿وَأَنَّ اللهَ﴾ الخالق لكلّ شيء ﴿قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ خلقه ﴿عِلْماً﴾ واطّلاعا وخبرا ، فأطيعوا أوامره ونواهيه ، ولا تخالفوا أحكامه ، واخضعوا لعظمته ، وخافوا عقوبته.
عن ابن عباس لمّا سئل عن هذه الآية قال : لو فسّرتها لقطعوا حلقومي ، أو رجموني (٥) .
أقول : فيه إشارة إلى ما فيها من الأسرار الغامضة التي تعلّمها من استاذه أمير المؤمنين عليهالسلام.
عن الصادق عليهالسلام : « من قرأ سورة الطلاق والتحريم في فرائضه أعاذه الله من أن يكون يوم القيامة ممّن يخاف ويحزن ، وعوفي من النار ، وأدخله الله الجنّة بتلاوته إياهما ، ومحافظته عليهما ، لأنّهما للنبي صلىاللهعليهوآله » (٦) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٢ و٤٣.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٣٩.
(٣) تفسير الرازي ٣٠ : ٤٠.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٢٩ ، تفسير الصافي ٥ : ١٩٢.
(٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٧.
(٦) ثواب الأعمال : ١١٩ ، مجمع البيان ١٠ : ٤٥٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٩٢.