وإيفاء حقوقهن ، ﴿أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ وعدم الاضرار بهنّ بتطويل عدّتهنّ بالرجوع والطلاق ثانيا ﴿وَأَشْهِدُوا﴾ على طلاقهنّ رجلين ﴿ذَوَيْ عَدْلٍ﴾ وصاحبي عدالة ﴿مِنْكُمْ﴾ أيّها المؤمنون.
عن الكاظم عليهالسلام أنّه قال لأبي يوسف القاضي : « إنّ الله تبارك وتعالى أمر في كتابه بالطلاق ، وأكّد فيه بشاهدين ، ولم يرض بهما إلّا عدلين ، وأمر في كتابه بالتزويج فأهمله بلا شهود ، فأثبتم شاهدين فيما أهمل ، وأبطلتم الشاهدين فيما أكّد » (١) .
و﴿وَأَقِيمُوا﴾ وأدّوا أيّها الشهود ﴿الشَّهادَةَ﴾ عند الحاجة إليها خالصا ﴿لِلَّهِ﴾ وتقربا إليه ﴿ذلِكُمْ﴾ الأحكام من طلاق السّنة ، والحثّ على الإشهاد وإقامة الشهادة لله مما ﴿يُوعَظُ﴾ ويرتدع ﴿بِهِ﴾ عن المخالفة خوفا من العذاب ﴿مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ﴾ عن صميم القلب ﴿وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ ودار الجزاء ، فانّ لازم الايمان بالله مراعاة عظمته وحقوق ألوهيته وربوبيته ، وأقلّها طاعة أحكامه ، ولازم الايمان باليوم الآخر الخوف من الحساب والعقاب على مخالفة أحكامه ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ﴾ في مخالفة أحكامه المذكورة في السورة ، أو في القرآن ﴿يَجْعَلْ﴾ الله ﴿لَهُ مَخْرَجاً﴾ ومخلصا ممّا عسى أن يبتلي به من الغموم الراجعة إلى الازدواج ، ويفرّج عنه ما يعتريه من الكروب ، أو خلاصا من غموم الدنيا والآخرة.
عن النبي صلىاللهعليهوآله - بطريق عامي - أنّه صلىاللهعليهوآله قرأها فقال : « مخرجا من شبهات الدنيا ، وغمرات الموت ، وشدائد يوم القيامة » (٢) . وقيل يجعل له مخرجا إلى الرّجعة (٣) .
عن ابن عباس ، أنّه سئل عمّن طلّق امرأته ثلاثا ، أو ألفا ، هل له من مخرج ؟ فقال : لم يتّق الله ، فلم يجعل له مخرجا ، بانت منه بثلاث ، والزيادة إثم في عنقه (٤) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « مخرجا من الفتن ، ونورا من الظلم » (٥) .
﴿وَيَرْزُقْهُ﴾ الله في الدنيا ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ ومن وجه لا يخطر بباله.
روي أنّ عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنه سالما ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : اسر ابني ، وشكا إليه الفاقة. فقال : « اتّق الله ، وأكثر قول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم » ففعل ، فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل غفل عنهما العدوّ فساقها ، فنزلت (٦) .
وفي رواية : أفلت بأربعة آلاف شاة وبالأمتعة (٧) .
وعن الصادق عليهالسلام : «﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ أي يبارك له فيما أتاه » (٨) .
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣٨٧ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٧.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٣٤ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٣١.
(٣و٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٣١.
(٥) نهج البلاغة : ٢٦٦ الخطبة ١٨٣ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٨.
(٦و٧) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٢.
(٨) مجمع البيان ٩ : ٤٦٠ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٨.