تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ
وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ
خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧) و (٩)﴾
ثمّ لمّا أخبر سبحانه بعذاب الامم السابقة في الآخرة ، حكى إنكار المشركين المعاد بقوله : ﴿زَعَمَ﴾ وظنّ ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ﴾ يحيوا بعدموتهم ولن ﴿يُبْعَثُوا﴾ أحياء من قبورهم للحساب والجزاء أبدا.
ثمّ أمر سبحانه النبي صلىاللهعليهوآله بردّ قولهم ذلك بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهم : ﴿بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ﴾ من قبوركم للحساب والمجازاة ﴿ثُمَ﴾ بعد البعث ﴿لَتُنَبَّؤُنَ﴾ ولتخبرنّ ﴿بِما عَمِلْتُمْ﴾ في الدنيا من الكفر والعصيان برؤية العذاب عليه ﴿وَذلِكَ﴾ البعث والتعذيب ﴿عَلَى اللهِ﴾ القادر على كلّ شيء ﴿يَسِيرٌ﴾ وسهل لكمال القدرة ووجود المقتضي وعدم المانع ، فإذا كان الأمر كذلك ﴿فَآمِنُوا﴾ أيها الناس ﴿بِاللهِ﴾ ووحدانيته ﴿وَرَسُولِهِ﴾ محمد صلىاللهعليهوآله ﴿وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا﴾ على محمد صلىاللهعليهوآله ، وهو القرآن المبين لكلّ حقّ والمظهر لكلّ صواب.
وعن الكاظم عليهالسلام : « الامامة هي النور » (١) .
وعن الباقر عليهالسلام : « النور والله الأئمة » (٢) .
﴿وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ﴾ من الايمان والعمل بالقرآن ﴿خَبِيرٌ﴾ ومطّلع في الغاية ، واذكروا أيها الناس ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ﴾ الله ﴿لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ والحساب ، يجمع الله فيه الأولين والآخرين ، وهو يوم القيامة ﴿ذلِكَ﴾ اليوم ﴿يَوْمُ التَّغابُنِ﴾ والتخاسر يغبن ويخسر بعض الناس بعضا ، يتمكّن بعضهم في مسكن بعض.
عن ابن عباس : أنّ قوما في النار يعذّبون ، وقوما في الجنة يتنعّمون (٣) .
وقيل : يوم يغبن أهل الحقّ أهل الباطل ، وأهل الهدى أهل الضّلالة ، وأهل الايمان أهل الكفر ، فلا غبن أبين من هذا (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « يوم يغبن أهل الجنّة أهل النار » (٥) .
وفي الحديث : « ما من عبد يدخل الجنّة إلّا اري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ، وما من عبد يدخل النار إلّا اري مقعده من الجنّة لو أحسن ليزداد حسرة » (٦) .
__________________
(١) الكافي ١ : ١٥١ / ٦ ، وفيه : النور هو الإمام ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٣.
(٢) الكافي ١ : ١٥١ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٣.
(٣و٤) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٤.
(٥) معاني الأخبار : ١٥٦ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ١٨٣.
(٦) تفسير روح البيان ١٠ : ١١.