﴿مِنَ﴾ المؤمنين ﴿الْأَوَّلِينَ﴾ من لدن آدم عليهالسلام إلى بعث الخاتم ﴿وَقَلِيلٌ مِنَ﴾ المؤمنين ﴿الْآخِرِينَ﴾ من أمّة خاتم النبيين ، كلّهم قاعدون في الجنّة ﴿عَلى سُرُرٍ﴾ ومجالس مرتفعة من الأرض معدّة لحال السرور ، وتجعل للملوك ﴿مَوْضُونَةٍ﴾ ومنسوجة بعضها على بعض ، أو منسوجة بالحرير ، أو باليواقيت والجواهر ، أو بالذهب.
قيل : قوائمها من الجواهر ، وأرضها من الذهب (١) . عن ابن عباس : ألواحها من الذهب ، مكلّلة بالزّبرجد والدّرّ والياقوت ، مرتفعة ما لم يجئ صاحبها ، فاذا أراد صاحبها الجلوس عليها تواضعت حتى يجلس عليها ، ثمّ ترفع إلى موضعها (٢) .
حال كونهم ﴿مُتَّكِئِينَ﴾ ومعتمدين ﴿عَلَيْها﴾ كالملوك ، وكونهم ﴿مُتَقابِلِينَ﴾ ومتوجّهين بعضهم إلى بعض ومستأنسين بعضهم ببعض ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ ويدور حولهم للخدمة ﴿وِلْدانٌ﴾ وغلمان ﴿مُخَلَّدُونَ﴾ ومبقون على شكلهم وطراوتهم أبدا.
قيل : إنّهم مخلوقون [ للخدمة ] في الجنة (٣) ، والمخلّدون بمعنى مقرّطون ، أو مسوّرون (٤) .
وقيل : إنّهم أطفال المشركين (٥) ، عن النبي صلىاللهعليهوآله : « أولاد الكفّار خدّام أهل الجنّة » (٦) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « هم أولاد أهل الدنيا » (٧) .
ويكون طوافهم ﴿بِأَكْوابٍ﴾ وأوان - لا عروة لها ولا خرطوم - من الذهب والجواهر. وقيل : إنّها الأقداح الكبيرة (٨)﴿وَأَبارِيقَ﴾ وأوان لها عرى وخرطوم تبرق من صفائها ﴿وَكَأْسٍ﴾ مملوء من خمر جارية ﴿مِنْ مَعِينٍ﴾ ومنبع في الجنّة.
وقيل : إنّ المعنى كأس مملوء من خمر ظاهره يعاين بالأبصار (٩) ، وجمع الأكواب والأباريق للدلالة على الكثرة ، وإفراد الكأس لعدم حاجة شخص واحد إلى أكثر من واحد.
قيل : إنّه يصبّ الخمر من الأكواب في الأباريق ، ومن الأباريق في الكأس (١٠) .
ثمّ وصف سبحانه خمر الجنة بقوله : ﴿لا يُصَدَّعُونَ﴾ ولا يصيبهم وجع الرأس المسبّب منها الصادرة ﴿عَنْها﴾ كما يصيبهم ذلك من خمر الدنيا ﴿وَلا يُنْزِفُونَ﴾ ولا يسكرون.
عن ابن عبّاس : في الخمر أربعة خصال : السّكر ، والصّداع ، والقيء ، والبول ، وليست في خمر
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٩ : ١٤٩.
(٢) تفسير القرطبي ١٧ : ٢٠٢.
(٣) مجمع البيان ٩ : ٣٢٧.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ٣٢١.
(٥) مجمع البيان ٩ : ٣٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١٢١ ، تفسير روح البيان ٩ : ٣٢١.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ٣٢١.
(٧) مجمع البيان ٩ : ٣٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١٢١.
(٨) مجمع البيان ٩ : ٣٢٧ ، تفسير الرازي ٢٩ : ١٥٠.
(٩) تفسير روح البيان ٩ : ٣٢٢.
(١٠) تفسير الرازي ٢٩ : ١٥٠.