تُكَذِّبانِ (٦٤) و (٦٩)﴾
ثمّ وصف سبحانه الجنّتين الادنيين (١) بصفات أدون من صفات الجنتين الاوليين ، حيث وصف الاوليين بقوله : ﴿ذَواتا أَفْنانٍ﴾ ووصف الأخريين بقوله : ﴿مُدْهامَّتانِ﴾ ومخضرّتان غاية الخضرة بحيث تضربان الى السواد.
قيل : هذا الوصف يدلّ على أنّ الاخريين دون الاوليين مكانا (٢) ، فالمؤمنون إذا نظروا إلى فوقهم يرون الأفنان والأغصان تظلّهم ، وإذا نظروا إلى تحتهم يرون أرضا مخضرة ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما﴾ من خضرة نباتات هاتين الجنّتين ، فتتمتع أبصاركم بهما ، وانتفاع انوفكم بشمّ رياحينهما ﴿تُكَذِّبانِ﴾.
ثمّ وصف سبحانه نزاهتهما وصفائهما بقوله : تعالى : ﴿فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ﴾ وفوّارتان إلى جهة الفوق بالماء. وقيل : بالخير والبركة (٣) . وعن ابن عباس : بالمسك والعنبر (٤) ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما﴾ من ربّكم بالشراب ، والتذاذكم بنزهة الجنّتين ﴿تُكَذِّبانِ﴾.
في مدح الرّمان
ثمّ وصف سبحانه المأكول فيهما بقوله : ﴿فِيهِما فاكِهَةٌ﴾ كثيرة ، وما يتلذّذ به من ثمار الأشجار ، ثمّ خصّ النوعين منهما بالذكر بقوله : ﴿وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ لفضلهما على سائر الفواكه ، فانّ الرّطب والتمر فاكهة وغذاء ، والرمان فاكهة ودواء. قيل : إنّ الفواكه أرضية وشجرية ، فالأرضية كالبطّيخ داخلة في قوله : ﴿مُدْهامَّتانِ﴾ والشجرية كالتفاح والسّفرجل والعنب وغيرها (٥) ، هي المراد من الآية.
عن ابن عباس : نخل الجنة جذوعها من زمرّد أخضر ، وكربها من ذهب أحمر ، وسعفها كسورة لأهل الجنّة ، وثمرها أمثال القلال (٦) أو الدّلا ، أشدّ بياضا من اللّبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزّبد ، ليس له عجم (٧) ، كلّما نزعت ثمرة عادت مكانها اخرى (٨) .
وعنه : ما لقحت رمّانة قطّ إلّا بحبّة من الجنّة (٩) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إذا أكلتم الرمان ، فكلوه ببعض شحمه ، فانّه دباغ للمعدة ، وما من حبّة منه تقيم في جوف مؤمن إلّا أنارت قلبه ، وأخرجت شيطان الوسوسة منه أربعين يوما » (١٠) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « من أكل رمانا أنار الله قلبه أربعين يوما » (١١) .
__________________
(١) في النسخة : الأدونين.
(٢) تفسير روح البيان ٩ : ٣١١.
(٣و٤) تفسير روح البيان ٩ : ٣١١.
(٥) تفسير الرازي ٢٩ : ١٣٤.
(٦) القلال : جمع قلّة ، وهي إناء من الفخّار يشرب منه.
(٧) العجم : جمع عجمة ، وهي نواة التمر أو الرمان أو العنب وغيرها.
(٨-١٠) تفسير روح البيان ٩ : ٣١٢.
(١١) تفسير روح البيان ٩ : ٣١٢.