قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]

نفحات الرحمن في تفسير القرآن

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]

تحمیل

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]

520/646
*

﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٢) و (٤)

ثمّ منّ سبحانه عليه بتخفيف أعباء الرسالة بقوله : ﴿وَوَضَعْنا﴾ وحططنا ﴿عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ وثقلك ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ قيل : إنّ الحمل إذا كان في غاية الثقل سمع للظهر صوت خفيّ يقال له النقيض (١) . فوصف الثّقل بكونه منقضا ، كناية عن كونه في غاية الثّقل ، وليس هو إلّا ثقل أعباء الرسالة ، وقد خفّفه الله عليه بتقوية قلبه ، وإمدادا بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام والملائكة المسوّمين.

وقيل : إنّ المراد بالوزر وذنوب امّته ، والمراد بوضعها وعده بقبول شفاعته فيهم حتّى يرضى (٢) .

قيل : إنّ عطف ﴿وَوَضَعْنا﴾ على معنى ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ والمعنى : إنّا شرحنا لك صدرك ، وإنّا وضعنا عنك وزرك (٣) .

﴿وَ﴾ إنا ﴿رَفَعْنا﴾ وعلونا ﴿لَكَ ذِكْرَكَ﴾ بحيث تذكر إذا ذكرت ، كما عن القمّي (٤) .

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « قال : لي جبرئيل : قال الله عزوجل : إذا ذكرت ذكرت معي » (٥) .

وقيل : إنّه تعالى رفع ذكره (٦) بالنبوة ، وشهر اسمه في السماوات والأرضين ، وكتبه على العرش ، وفي الكتب السماوية المتقدّمة ، وقرن ذكره بذكره في القرآن حيث قال : ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ(٧) وقال : ﴿وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ(٨) إلى غير ذلك (٩) .

﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) و (٦)

ثمّ لمّا كان المشركون يعيرّونه بالفقر حتّى وقع في قلبه أنّ فقره مانع عن إسلام المتكبّرين ، سلبه سبحانه بقوله : ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ﴾ والضيق الذي أنت فيه ﴿يُسْراً﴾ وسعة كاملة في الدنيا ، فلا تحزن بالفقر الذي يطعنك به الكفره ، كذا قيل (١٠) .

ثمّ بالغ سبحانه في تسليته بتكرار القضية تأكيدا بقوله : ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ قال الفرّاء والزجاج : إنّ العسر المعرف بأل منصرف إلى الجنس لعدم العهد وهو حقيقة واحدة ، وأمّا كلمة ﴿يُسْراً﴾ لمّا كان منكرا قابلة لإرادة نوعين منه ، كما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « لن يغلب عسر يسرين » (١١).

وعن ابن عباس أنّه قال : يقول الله ، خلقت عسرا واحدا بين يسرين ، فلن يغلب عسر يسرين(١٢) .

قيل : إنّ تنكير اليسر دالّ على عظمته ، كأنّه قال : [ إنّ ] مع العسر يسرا عظيما (١٣) ، والمراد بالمعية مع كونهما ضدّين التعاقب بغير فصل ، أو مع الفصل بزمان قليل.

__________________

(١و٢) تفسير الرازي ٣٢ : ٤.

(٣) تفسير أبي السعود ٩ : ١٧٢.

(٤) تفسير القمي ٢ : ٤٢٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٣.

(٥) مجمع البيان ١٠ : ٧٧١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٣.

(٦) في النسخة : ذكرنا.

(٧) النساء : ٤ / ٥٩.

(٨) التوبة : ٩ / ٦٢.

(٩) تفسير الرازي ٣٢ : ٥.

(١٠- ١٣) تفسير الرازي ٣٢ : ٦.