ثم قد عرفت فتوى الأصحاب ببطلانه بموت الواقف ومستندهم ، خلافاً للتقي (١) ، فقال بالصحّة مع الإشهاد عليه قبل الموت وإن لم يقبض.
وهو شاذّ ، كالمحكي عن ابن حمزة (٢) : من عدم اشتراط القبض حيث جعل النظارة لنفسه ، ومع ذلك مستندهما غير واضح.
وهل موت الموقوف عليه كذلك ، فيبطل بموته مطلقاً أم إذا لم يقبضه البطن الثاني أيضاً؟ وجهان. أجودهما الأوّل ؛ وقوفاً على ظواهر النصوص المتقدّمة ، فإن الموقوف عليه المعتبر قبضه فيها إنّما هو البطن الأوّل ، مع أن قبض البطن الثاني لا يؤثّر إلاّ في صحّته بالإضافة إليه ، وإلاّ فهو بالإضافة إلى الأوّل باطل ؛ لفقد شرطه فيه ، ولا يتصور الصحّة بالإضافة إليه وإن قبض لوجهين :
أحدهما : أن صحّة الوقف ليس معناها إلاّ صحّة ما جرى عليه الصيغة ، وهو ليس إلاّ الوقف عليهما دون الثاني خاصّة ، فصحّته بالإضافة إليه خاصّة دون الأوّل غير ما جرى عليه العقد.
وثانيهما : أنّ الصحّة بالإضافة إليه خاصّة معناها بطلانه بالإضافة إلى الأوّل ، فوجوده بالنسبة إليه كعدمه ، فيكون الوقف حينئذٍ على معدوم مع عدم تبعيّته لموجود ، ومجرّد التبعيّة للذكر تأثيره في الصحّة غير معلوم ، مع أنّ الأصل عدمها.
واعلم أنّ العبارة ظاهرها اشتراط القبض في الصحّة ، وربما يعبّر بما يدلّ على اشتراطه في اللزوم ، كما في الغنية والشرائع واللمعة (٣) ، إلاّ أن في
__________________
(١) الكافي في الفقه : ٣٢٥.
(٢) الوسيلة : ٣٦٩.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٣ ، الشرائع ٢ : ٢١٧ ، اللمعة ( الروضة البهية ٣ ) : ١٦٦.