ولا يخلو وجه الفرق عن مناقشة ، فقد يقال : إن اشتراط النقل في حكم تعيين الوقف بمدّة ، فكيف يمكن أن يقال : إن مقتضى الوقف هنا لزوم بقائه ما وجدوا؟ وكونه مقتضى الوقف من أصله لا ينافي خلافه بعد اشتراطه ، وليس مثل هذا وسابقه لو تمّ قياساً ، بل تنظيراً ؛ لاستناد الحكم فيه إلى العمومات كتاباً وسنةً ، ولو لا الإجماع المعتضد بالشهرة المحكية لكان القول بالصحة لا يخلو عن قوة ، مع إمكان الجواب عن الإجماع بالمعارضة بالمثل ، ووهنه بما مرّ مجبور بموافقة العمومات القطعية ، فيرجّح بها على ذلك الإجماع ، وإن ترجّح هو عليه بالشهرة.
والتحقيق أن يقال : إن هنا إجماعين متصادمين بحسب المرجّحات ، فلا يمكن التمسّك بأحدهما ، فينبغي الرجوع إلى حكم الأصل ، وهو عدم الصحة ، وإثباتها بالعمومات غير ممكن بعد فرض سقوطها كالشهرة المرجّحتين للإجماعين في البين كنفس الإجماعين ؛ مضافاً إلى ما عرفت من وهن الإجماع الثاني ، فإذاً المذهب مختار الأكثر ، وإن كان الصحة في الجملة أحوط.
( ولو أطلق الوقف ) وجرّده عن هذا الشرط ( وأقبض ) الموقوف من الموقوف عليه أو من في حكمه ( لم يصحّ إدخال غيرهم معهم ) مطلقا ( أولاداً كانوا أو أجانب ) بلا خلاف ، كما في التنقيح (١) ، إلاّ من المفيد ، كما فيه ، فقال : لو حدث في الموقوف عليه حدث يمنع الشرع من معونته والصدقة عليه والتقرب إلى الله تعالى بصلته جاز التغيير ؛ فإن الوقف صدقة فلا يستحقه من لا يستحقها ، فإذا حدث في الموقوف عليه كفر أو فسق
__________________
(١) التنقيح الرائع ٢ : ٣٢٢.