قالوا بعد نقل القول بالجواز عمّن مرّ : وأطلق باقي الأصحاب المنع ؛ لما مرّ من أدلته ، وللمعتبرة الدالّة على عدم جواز الرجوع في الصدقة إذا ابتغى بها وجه الله سبحانه ، وفيها الصحيح وغيره (١) ، والإدخال نوع رجوع بلا شبهة ، فيدخل في حيّز لفظ الرجوع المنساق في سياق النفي مع كونه نكرة ، وخصوص الصحيح : عن الرجل يتصدّق على بعض ولده بطرف من ماله ، ثم يبدو له بعد ذلك أن يدخل معه غيره من ولده ، قال : « لا بأس بذلك » وعن الرجل يتصدّق ببعض ماله على بعض ولده ويبيّنه له ، إله أن يدخل معهم من ولده غيرهم بعد أن أبانهم بصدقة؟ فقال : « ليس له ذلك إلاّ أن يشترط أنه من ولد فهو مثل من تصدّق عليه فذلك له » (٢).
والظاهر من الإبانة فيه الإقباض ، دون ما فهمه الشهيد الثاني (٣) من القصر على الموقوف عليه الذي شرطه القاضي (٤) ؛ لرجوع الاستثناء على فهمه منقطعاً ، وهو خلاف الظاهر جدّاً.
وحينئذٍ يمكن حمل الروايات السابقة المجوّزة على صورة عدم القبض والإبانة ، حملاً للمطلق على المقيّد ، ويشهد له نفس هذه الرواية ، فإنه عليهالسلام لما سئل مطلقا أجاب بالجواز كما في تلك الروايات ، ولما قال : يبيّنها لهم ، قال : ليس له ذلك.
فلا إشكال في المسألة بحمد الله سبحانه ؛ لوضوح وجه الجمع بين الأدلّة المانعة والأخبار المجوّزة بهذه الصحيحة ؛ مضافاً إلى ما عرفت من
__________________
(١) انظر الوسائل ١٩ : ٢٠٤ أبواب أحكام الوقوف والصدقات ب ١١.
(٢) التهذيب ٩ : ١٣٧ / ٥٧٥ ، الإستبصار ٤ : ١٠١ / ٣٨٩ ، الوسائل ١٩ : ١٨٣ أبواب أحكام الوقوف والصدقات ب ٥ ح ١.
(٣) المسالك ١ : ٣٥٥.
(٤) راجع ص : ١٥٩.