مثل كراء البغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل ، ومثل كراء البغل راكباً من النيل إلى بغداد ، ومثل كراء البغل من بغداد إلى الكوفة توفّيه إيّاه » .. فقلت : أرأيت لو عطب البغل أو نفق أوليس كان يلزمني؟ قال : « نعم ، قيمة البغل يوم خالفته » قلت : فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو عقر ، فقال : « عليك قيمة ما بين الصحيح والمعيب يوم تردّه » (١) الخبر ، وهو طويل مشهور.
خلافاً للقاضي ، فقال : يلزم مع التلف القيمة لا غير ، ومع النقص أمّا الأُجرة أو قيمة الناقص (٢).
وهو شاذّ محجوج بالصحيح المزبور ، وأصالة عدم التداخل بناءً على أن كلاًّ منهما يثبت بسبب ، فالنقص بالجناية والأُجرة باستيفاء المنفعة المملوكة ، وما ذكره هو فتوى أبي حنيفة ، وقد خطّأه عليهالسلام في صدر الصحيحة ، فقال : « في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها ».
ثمّ إنّ ظاهرها كما ترى أنّ المعتبر في القيمة قيمة يوم التفريط وعليه الأكثر هنا ؛ لها ، ولأنّه يوم تعلّقه بذمّته ، كما أنّ الغاصب يضمن القيمة يوم الغصب ، إلاّ أنّ الظاهر من قوله : « يوم تردّه » خلافه ؛ مضافاً إلى عدم صراحة سابقه فيه.
وقد قدّمنا التحقيق في ضعف دلالتها عليه في كتاب البيع (٣) ، ولعلّه لذا قيل (٤) : إنّ الأقرب ضمان قيمتها يوم التلف ؛ لأنّه يوم الانتقال إلى القيمة
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٩٠ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٢١٥ / ٩٤٣ ، الإستبصار ٣ : ١٣٤ / ٤٨٣ ، الوسائل ١٩ : ١١٩ أبواب أحكام الإجارة ب ١٧ ح ١.
(٢) المهذب ١ : ٤٨٥.
(٣) راجع ج ٨ ص ٢٥٣.
(٤) قالا به الشهيدان في اللمعة والروضة البهية ٤ : ٣٥٦.