أهل ملّتهم؟ قال : « إذا لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم ، إنه لا يصلح ذهاب حق أحدٍ » (١).
وهو كما ترى ظاهر في أن تجويز قبول شهادتهم إنما نشأ من مراعاة الحق عن الذهاب ، وهذه العلّة موجودة في مطلق صور الضرورة ولو لم يكن هناك سفر بالكلية.
ولو لا هذه العلة لكان المصير إلى اشتراط السفر لا يخلو عن قوّة ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل الدالّ على عدم جواز قبول شهادتهم على مورد الكتاب والسنة ، وليس إلاّ صورة السفر خاصة ، لأنها ما بين مشترطة له وما بين مطلقة ، وقد عرفت أن الإطلاق ينصرف إلى هذه الصورة خاصّة.
وليس مبنى هذا الاستدلال وقوع اشتراطه في الكتاب والسنة ، حتى يجاب عنه بوروده مورد الغلبة فلا عبرة به ، بل مبناه عدم دليل دالّ على جواز القبول مطلقاً ، فيقتصر فيه على المتيقن منهما.
ثم إن الفاضل (٢) أوجب تحليفهما بعد صلاة العصر بصورة الآية ؛ لعدم ظهور المسقط بالكلّية ، ومال إليه في المسالك وغيره (٣) ، ولا ريب أنه أحوط.
وليس في ظاهر الكتاب وأكثر السنة اشتراط عدالة أهل الذمة ، إلاّ أنه قد دل عليه بعض النصوص : « فليُشهد على وصيته رجلين ذمّيين من أهل الكتاب مرضيّين عند أصحابهم » (٤) وبه صرّح من الأصحاب جملة (٥).
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤ / ٢ ، التهذيب ٩ : ١٨٠ / ٧٢٤ ، الوسائل ١٩ : ٣١٠ أبواب أحكام الوصايا ب ٢٠ ح ٣.
(٢) قواعد الأحكام ١ : ٣٥٥.
(٣) المسالك ١ : ٤٠٤ ؛ وانظر التذكرة ٢ : ٥٢١ والكفاية ١٤٩.
(٤) الكافي ٧ : ٣٩٩ / ٨ ، التهذيب ٩ : ١٧٩ / ٧١٨ ، الوسائل ١٩ : ٣١٢ أبواب أحكام الوصايا ب ٢٠ ح ٧.
(٥) منهم : المحقق والشهيد الثانيان في جامع المقاصد ١١ : ٣٠٦ والمسالك ١ : ٤٠٤ ، والسبزواري في الكفاية : ١٤٩.