أصحابنا (١) فقالوا : ولأن مال الحربي فيء للمسلمين ، فلا يجب دفعه إليه ؛ لأنه غير مالك ، فلو جازت الوصية لهم لكان إمّا أن يجب على الوصي دفعه إليه وهو باطل ، لما تقدّم ، أو لا يجب وهو المطلوب ، إذ لا معنى لبطلان الوصية إلاّ عدم وجوب تسليمها إلى الموصى له.
وأما ما اعترضه به في المسالك بأن فيه منع استلزام عدم وجوب الدفع للوصية بطلانها ، لأن معنى صحتها ثبوت الملك إذا قَبِله ، فيصير حينئذٍ ملكاً من أملاكه يلزمه حكمه ، ومن حكمه جواز أخذ المسلم له ، فإذا حكمنا بصحة وصيته وقبضه الوصي ثم استولى عليه من جهة أنه مال الحربي لم يكن منافياً لصحّة الوصية ، وكذا لو منعه الوارث لذلك ، وإن اعترفوا بصحة الوصية. وتظهر الفائدة في جواز استيلاء الوصي على الموصى به للحربي فيختصّ به دون الورثة ، وكذا لو استولى عليه بعضهم دون بعض حيث لم يكن في أيديهم ابتداءً ، ولو حكمنا بالبطلان لم يتأتّ هذا ، بل يكون الموصى به من جملة التركة لا يختصّ بأحدٍ من الورثة (٢).
فإنه عجيب ، فإن بناء المستدل على ثبوت عدم ملكيّته ، وعليه بنى الملازمة التي أنكرها. وحاصلها حينئذٍ أن عدم وجوب تسليمها إليه من جهة عدم المالكية كما فرض في صدر العبارة يستلزم بطلان الوصية ؛ لأنّها كما عرفت تمليك عين أو منفعة ، وحينئذٍ فكيف يمكنه دعوى صيرورة الموصى به من أملاكه يترتب عليه ما ذكره.
لكن الشأن في إثبات عدم الملكية. وإباحة ما في يده للمسلمين أعمّ
__________________
(١) انظر التذكرة ٢ : ٤٦٤ ، والإيضاح ٢ : ٤٨٧ ، والروضة ٥ : ٥٣ ، ومفاتيح الشرائع ٣ : ٢٠٩ ، والحدائق ٢٢ : ٥٢٦.
(٢) المسالك ١ : ٤٠٧.