الرجوع إلى حكم الأصل الدالّ على عدم الصحّة أو اللزوم إلى أن يتحقّق القبض المتيقّن إيجابه لهما ، وليس إلاّ المجمع عليه ، وهو القبض الجديد ، أو المأذون فيه ثانياً للهبة.
ولعلّه لهذا اعتبر بعض الأصحاب (١) ما أسقطه الأكثر ، وهو أظهر إن لم يكن الإجماع من المتأخّرين على خلافه انعقد.
ومن هنا يظهر وجه لما يحكى عن بعض الأصحاب في القبض بعد العقد ، من اشتراط كونه بنيّة الهبة (٢). فإن هذا هو المتيقّن فتوى ورواية ، إلاّ أن الأشهر هنا أيضاً الاكتفاء بمطلق القبض ، وعليه عامّة من تأخّر كالسابق.
وربما قيّده بعضهم بعدم التصريح بأن القبض لغير الهبة ، واستحسن هذا التفصيل في الكفاية (٣).
وهو كذلك إن وجد من العمومات أو المطلقات ما يدل على الاكتفاء بمطلق القبض ، وأمّا مع عدمهما كما هو الظاهر لما ذكر فهو كسابقه ، إلاّ أن ينعقد الإجماع على خلافه ، أو يظهر من قرائن الأحوال كون القبض للهبة دون غيرها.
ويحتمل قوياً المصير إلى مختار الأكثر ؛ لما مرّ في الوقف (٤) ، وسيأتي في هذا البحث من الاكتفاء بقبض الولي الواهب مع سبقه على العقد ، للنصوص الدالّة عليه ، المعلّل بعضها له بحصول القبض من دون أن يذكر فيها ما مرّ من القيود ، وهذا التعليل جارٍ في المفروض ، والعلّة
__________________
(١) انظر الجامع للشرائع : ٣٦٥.
(٢) حكاه عنه في الكفاية : ١٤٣.
(٣) الكفاية : ١٤٣.
(٤) راجع ص : ١٠١.