عدّه كثير من أصحابنا قولاً (١) ، وذلك فإن كلمة الأصحاب المحكية في المسألة ليست في الجواز مطلقة ، بل هي ما بين مخصِّص له بالأقارب ، كما عن الشيخين وابني حمزة وزهرة والحلبي (٢) ، أو بالوالدين خاصّة ، كما عن الحلّي (٣).
فهذا القول ضعيف غايته ، كالقول بالمنع مطلقا ، كما عمّن تقدّم في المسألة السابقة (٤) ، لعدم دليل عليه سوى إطلاق الآية المانعة ، وعدم إمكان القربة ، وليسا بحجّة.
فالأوّل : بلزوم تقييده بما سيأتي من الأدلّة ، مع معارضته بعموم الآية الأُولى المجوّزة ، المعتضدة بما سبقها من الرواية ، مع أنه قال جماعة فيه (٥) : بأن الظاهر أن النهي عن الموادّة إنّما هو من حيث كونه محادّا لله ورسوله ، وإلاّ لحرم اللطف والإكرام ، وهو فاسد ؛ لإجماع الطبرسي المتقدم إليه الإشارة (٦).
والثاني : بمنعه على إطلاقه ، بل هو متّجه فيما عدا الأقارب ، حيث لم يرد الأمر بالمودّة إليهم والترغيب في صلتهم ، وأما هم فيتأتّى قصد القربة
__________________
(١) منهم : الفاضل المقداد في التنقيح ٢ : ٣١٣ ، والفيض في المفاتيح ٣ : ٢٠٩ ، وصاحب الحدائق ٢٢ : ١٩٢.
(٢) المفيد في المقنعة : ٦٥٣ ، الطوسي في المبسوط ٣ : ٢٩٤ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٧٠ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٣ ، الحلبي في الكافي : ٣٢٦.
(٣) السرائر ٣ : ١٥٦.
(٤) الديلمي في المراسم : ١٩٨ ، القاضي في المهذّب ٢ : ٨٨.
(٥) منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ٩ : ٥٠ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٤٨ ، والفيض في المفاتيح ٣ : ٢٠٩ وصاحب الحدائق ٢٢ : ١٩٥.
(٦) راجع ص : ١٣٥.