حينئذٍ جواز تصرف العامل بمجرد الوصية ولو مع عدم اطّلاع الورثة ، وهو يستلزم أُموراً مخالفة للأُصول المسلّمة التي منها حرمة التصرف في ملك الغير بغير إذنه ، وعدم إلزام المالك بما تلف بفعل غيره حيث يقع ، وكون الربح تابعاً للمال ، لا يستحق منه العامل فيه شيئاً مع علمه أو زائداً على اجرة المثل.
وفائدة الصحة حيث ثبتت أن الوارث إذا لم يفسخ وعمل الموصى له في المال استحق الحصّة المعيّنة له عملاً بمقتضى الوصية والإجازة ، وليس في هذا مخالفة للأُصول الشرعية ، إذ ليس فيه تفويت على الوارث بوجه ، ولا منع عن التصرف في ماله حتى يتوقّف على رضاه.
وبه يندفع ما يورد على الصحة من تضمّنها الإضرار بالوارث على تقدير زيادة المدّة وقلّة الربح ؛ لأنّ ذلك مستند إليه حيث لم يفسخ مع تمكّنه منه فالضرر على تقديره مستند إليه ، نعم يتّجه ذلك في صورة عدم الإجازة.
فخلاف الحلي (١) المشترط في الصحة مطلقاً كون المال بقدر الثلث فما دون شاذّ. كمختار الفاضل المقداد في التنقيح (٢) : من أن المحاباة في الحصّة من الربح بالنسبة إلى أُجرة المثل محسوبة من الثلث.
وهما مع ذلك ردّ للنصّ المعتبر في الجملة ، ولولاه لأمكن المصير إلى عدم الصحة فيما زاد على الثلث مطلقاً ، لاستلزامها المخالفة لبعض الأُصول المتقدمة ، وهو تبعية الربح لرأس المال ، وعدم استحقاق العامل فيه شيئاً أو زائداً على الأُجرة ، فتأمّل.
__________________
(١) السرائر ٣ : ١٩٢.
(٢) التنقيح الرائع ٢ : ٤٠٣.