خلافاً لجماعة من المتأخّرين ، كالمختلف والمسالك وغيرهما (١) فيهما ، فلم يشترطوه هنا ؛ لما مرّ في الوقف (٢) : من تعذّره من الجميع ، واستلزام الاكتفاء به من البعض الترجيح من غير مرجّح.
ويضعّف بما مر ثمة : من عدم استلزام تعذّر القبول منهم عدم اعتبار أصله ؛ لجواز قبول الناظر في تلك المصلحة أو حاكم الشريعة.
وهذا أوجه إن لم يكن الإجماع على خلافه ، كما يستفاد من الروضة (٣) ، لكن يبقى الإشكال في الدليل على اشتراط القبول من أصله ، ولم أقف عليه سوى الإجماع ، وهو غير تامّ في محلّ النزاع ، وإجماع الغنية غير ظاهر الشمول لهذه الصورة.
فينبغي الرجوع إلى الإطلاقات بنفوذ الوصية من الكتاب والسنة ، ومقتضاها عدم اشتراطه بالكلّية ، خرج منها الصورة المجمع عليها ، وبقي الصورة المفروضة تحتها مندرجة. لكن التمسك بمثل هذه الإطلاقات الواردة في بيان سائر أحكام الوصية دون خصوص الحكم في المسألة لا يخلو عن مناقشة ، سيّما مع وهنها بتقييدها بشرائط كثيرة ومنها اشتراط القبول ولو في الجملة ، وظهور كلام هؤلاء الجماعة في عدم استنادهم فيما ذهبوا إليه من عدم الاشتراط في المسألة إليها بالكلّية ، حيث اتّفقت كلماتهم على أخذهم الحجّة له ما مرّ من العلّة : من تعذر القبول في هذه الصورة لا غيره ، وهو مشعر بل لعله ظاهر في أنه لولا هذه العلّة لما كان لهم عن القول بالاشتراط مطلقاً مسرح ولا مندوحة ، وهذا يعرب عن قوّة الداعي
__________________
(١) المختلف : ٤٩٩ ، المسالك ١ : ٣٨٦ ؛ وانظر الكفاية : ١٤٥.
(٢) راجع ص : ٩٣.
(٣) الروضة البهية ٥ : ٢٠.