وإن كان لما قدّمناه غير صالح للحجّية ، إلاّ أنه قابل هنا للاعتضاد والتقوية.
خلافاً لجماعة من المتأخّرين ، كالفاضل في التذكرة وولده في شرح القواعد والشهيد الثاني (١) ، وربما مال إليه الأوّل في النكت على الإرشاد (٢) ، فاختاروا المنع.
والعجب من صاحب الكفاية ، حيث اختار هذا القول للصحيحة المتقدّمة وجوّز الرجوع في الهبة لذي القرابة (٣) ، مع أن الصحاح المتقدمة أقوى من هذه بمراتب عديدة من حيث الكثرة ، والاعتضاد بالشهرة ، والإجماعات المحكية ولو في الجملة.
فلو كانت هذه الصحيحة مع ما هي عليه مما قدّمنا إليه الإشارة تصلح لتخصيص المعتبرة الثلاث المتقدمة وما في معناها المبيحة للرجوع في مطلق الهبة كما ذكره فأولى أن تكون تلك الصحاح لصرفها عن ظاهرها بما قدّمناه صالحة. وإن كانت المعتبرة الثلاث أقوى منها لا يصلح صرفها بها إلى ما ذكرنا ، فهي لأن تكون أقوى من هذه الصحيحة لا يصلح تخصيصها بها أولى بمراتب شتّى.
وليت شعري ما الداعي له على هذا وترجيح هذه الصحيحة على تلك المعتبرة المرجّحة عنده على تلك الصحاح وما في معناها المستفيضة؟! مع اشتراكها مع تلك الصحاح في وجه المرجوحية ، بل وأدون منها بمراتب عديدة ، واحتمالها الحمل على الكراهة المرجّح عنده على حمل المطلق على المقيّد بعنوان الكلية في مواضع كثيرة ولو لم يوجد له فيها شاهد
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٤١٨ ، إيضاح الفوائد ٢ : ٤١٧ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٧٤.
(٢) حكاه عنه في الحدائق ٢٢ : ٣٣٣.
(٣) الكفاية : ١٤٣.