إرادة فِرَق المسلمين من إطلاقهم ، فإنه أمر راجح شرعاً مطلوب عرفاً.
وفي الجميع نظر ؛ لمنع أن تخصيص عام لا يقتضي تخصيص آخر بعد اشتراكهما في الوجه المخصّص وهو شهادة الحال ، ومنعها لا وجه له ، سيّما على إطلاقه.
ودعوى قيام الفرق بما ذكر غير واضحة ؛ لجريان ما ذكره في الفقراء من بُعد انصراف الوقف من المسلم إلى جميعهم لاختلاف آرائهم في المسلمين أيضاً ، لوجود الاختلاف في الآراء والتباين في المعتقدات فيهم أيضاً.
ودعوى رجحان الوقف على مخالفي الحق من سائر فِرَق المسلمين شرعاً ومطلوبيته عرفاً غير نافعة جدّاً بعد قيام المخصِّص ، كما قدّمنا ، مع أن جماعة كالتقي وابن زهرة والفاضل المقداد في التنقيح (١) أفسدوا الوقف من المحقّ على غيره ، وقد مرّ أن ذلك لازم لكل من يشترط القربة في الصحة ، فما ذكره الحلّي لا يخلو عن قوة.
هذا على تقدير صحة الوقف منه عليه ، وإلاّ كما اخترناه سابقاً من عدم الصحة تبعاً لهؤلاء الجماعة فينبغي القطع بمقالته ؛ إذ الإطلاق والعموم ليسا بأبلغ من التصريح ، ومعه يفسد ، فكذا معهما.
كما أن بيان انصراف الفقراء إلى المسلمين خاصّة حيث يكون الواقف مسلِماً إنما هو على تقدير صحة الوقف من المسلم على الكافر مطلقاً أو في الجملة ، وعلى تقدير فساده بالكلية لم يحتج إلى هذا البيان ؛ لفساد الوقف فيه بالإضافة إليه من أصله.
__________________
(١) التقي في الكافي : ٣٢٦ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٣ ، التنقيح الرائع ٢ : ٣١٣.