وليس ذلك لازما ، بل بحسب ما يراه الإمام في كل وقت ، فلو قدّر على الغني قدرا ثم علم أنه غير واجب لم يكن له الرجوع ، إلاّ أن ينبذ العهد ثم يرجع الى بذل الأقل فيجوز مع المصلحة.
ولو ماكس الإمام بالزيادة ، فامتنع من بذلها وجب القبول بالأقل.
______________________________________________________
الأول ، أما لو جاؤوا دفعة فالقرعة مع الضيق.
قوله : ( فلو قدّر على الغني قدرا ثم علم أنه غير واجب لم يكن له الرجوع ، إلا أن ينبذ العهد ، ثم يرجع إلى بذل الأقل ).
أي : إذا كان تقدير الجزية بحسب ما يراه الإمام على اختلاف الأوقات ، فلو قدّر على الغني قدرا ، ثم علم الغني أن ذلك القدر غير واجب في شرعنا بالأصالة فيمكن عقد الذمة على أقل منه ، لم يكن له الرجوع عنه إلى بذل الأقل ، لتحقق العقد المشتمل على اشتراط ذلك المقتضي لوجوبه ، إلا أن ينبذ العهد ويفسخ العقد ، فإنّ له فسخه ، لأنه غير لازم من طرفه ، ثم يرجع إلى بذل الأقل.
ولقائل أن يقول : إذا كان تقدير الجزية برأي الامام وبحسب ما يراه ، فليس للكافر الفسخ والرجوع إلى الأقل ، لأنه قد رأى ذلك القدر ، لأنه المفروض.
وجوابه : أنّ التقدير من طرفنا منوط برأي الامام لا من طرف الكافر ، بناء على أنه لا مقدّر لها ، ومن ثمّ لو بذل الكافر الذمي من أول الأمر جزية قليلة وجب قبولها إذا صلح المبذول لكونه جزية ، وامتنع الكافر مما سواه.
وللإمام المماكسة إذا اقتضتها المصلحة ، رعاية لمصلحة المسلمين ، فإن امتنع الكافر من بذل الزيادة أصلا وجب قبول الأقل. وفي كون الجزية مقدرة أم لا أقوال :
أ : تقديرها كثرة وقلة.
ب : تقديرها في طرف القلة.
ج : عدم التقدير مطلقا ، وكونها بحيث لا يعلم الكافر بقدرها ـ الذي هو معنى الصغار عند بعضهم ـ ينافي الأول.