مقدّمات :
إحداها ما مرّ من عدم اشتراط نقصان المستثنى عن المستثنى منه.
والثانية : كون الاستثناء من الإثبات نفياً ، كما هو إجماع محقق ظاهراً ، ومحكيّ في كلام جمع صريحاً (١). ومنه إثباتاً ، كما هو أصحّ القولين للأُصوليين ؛ لكلمة التوحيد. خلافاً لبعضهم (٢) ؛ لوجه غير واضح مطّرد في الأوّل أيضاً ، مع كونه مسلّماً.
والثالثة : لزوم رجوع كلّ استثناء إلى متلوّه. ولا خلاف فيه ؛ وذلك لقربه ، واستلزام عوده إلى البعيد ترجيحه على الأقرب من غير سبب ، وعوده إليهما يوجب التناقض ، إذ المستثنى والمستثنى منه متخالفان نفياً وإثباتاً ، كما مضى.
وحيث ثبت هذه المقدمات ثبت لك صحة الحكم بلزوم الثمانية في المثال ؛ لأنّ الاستثناء الأوّل ينفي من العشرة المثبتة خمسة ، والثاني يثبت من الخمسة المنقية ثلاثة ، فتضم إلى الخمسة الباقية من العشرة ، فيلزمه ثمانية.
ولو زاد في المثال : إلاّ واحداً لزمه سبعة ؛ لاستلزام الاستثناء نفيه عن الثلاثة المثبتة ، فيبقى اثنان ، وينضّمان إلى الخمسة الباقية فيلزمه سبعة. وقس على هذا ما يرد عليك من سائر الأمثلة.
ومثله ما لو قال : له عشرة إلاّ تسعة إلاّ ثمانية إلاّ سبعة إلاّ ستة إلاّ خمسة إلاّ أربعة إلاّ ثلاثة إلاّ اثنين إلاّ واحداً ، فيلزمه خمسة.
__________________
(١) منهم : الفاصل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ٤٩٤ والمحقق الثاني في جامع المقاصد ٩ : ٢٩٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٧١ ، والروضة ٦ : ٤١٠.
(٢) نُسب إلى أبي حنيفة في التذكرة ٢ : ١٦٣.