واختيار صاحب الكفاية (١) الكراهة ضعيف غايته ، كمستنده الذي ذكره من أنّه لا يستفاد من الأخبار أكثر من الرجحان مع ما علم من العمومات الدالّة على الإباحة ؛ لابتناء ما ذكره من عدم استفادة الحرمة من النواهي المتقدّمة على ما اختاره من عدم إفادة نواهي الأئمّة عليهمالسلام إيّاها إلاّ بالقرينة ، وهي في المقام مفقودة. وهو فاسد بالضرورة كما برهن في محلّه.
هذا مع أنّ الشهرة على إرادة الحرمة متحقّقة ، وهو يجعلها فيها وفي أوامرهم عليهمالسلام للحرمة أو الوجوب قرينةً. وبه صرّح في مواضع عديدة.
وحيث ظهر دلالة النواهي المزبورة على الحرمة إمّا حقيقةً كما نختاره أو مع القرينة كما لزمه ، ظهر الجواب عن العمومات الدالّة على الإباحة ، لأنّها بتلك النواهي مخصّصة.
( وهو ) أي الجلاّل في المشهور بين الأصحاب ( ما يأكل عذرة الإنسان محضاً ) للمرسل المنجبر بالعمل : في الشاة : « لا بأس بها إذا اعتلفت العذرة ما لم تكن جلاّلة ، والجلاّلة التي يكون ذلك غذاءها » (٢).
وفي آخر : في الجلاّلات : « لا بأس بأكلهنّ إذا كنّ يخلطن » (٣).
خلافاً للمحكيّ عن المبسوط (٤) ، فلم يعتبر التمحض كما مرّ. وهو شاذّ وإن كان لا بأس به بناءً على ما ذكره من الكراهة.
__________________
(١) الكفاية : ٢٤٩.
(٢) الكافي ٦ : ٢٥١ / ٥ ، التهذيب ٩ : ٤٧ / ١٩٤ ، الإستبصار ٤ : ٧٨ / ٢٨٧ ، الوسائل ٢٤ : ١٦٠ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٢٤ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.
(٣) الكافي ٦ : ٢٥٢ / ٧ ، التهذيب ٩ : ٤٧ / ١٩٥ ، الإستبصار ٤ : ٧٨ / ٢٨٨ ، الوسائل ٢٤ : ١٦٤ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٢٧ ح ٣.
(٤) المبسوط ٦ : ٢٨٢.