ولا ريب فيه إن ثبت كون استعمال العرف بعنوان الحقيقة. ولكنه محل مناقشة ؛ إذ مجرد الاستعمال ولو كان شائعاً لا يقتضيها بلا شبهة ، فإنّه أعم من الحقيقة ، سيّما إذا وجد للفظه معنى حقيقي آخر لغة.
ومنه يظهر الجواب عما ذكره الجماعة من ورودها بنهج الاستعمال الشائع العرفي في اللغة.
ثم على تقدير تسليم ثبوت الحقيقة بذلك لم يثبت الإقرار بها أيضاً ؛ لاحتمال الاشتراك. ودفعه غير ممكن إلاّ على تقدير ثبوت كون هذه الحقيقة غالبة على الحقيقة الأُخرى اللغوية تكون في جنبها مهجورة. وهو محلّ مناقشة ، كيف لا؟ ونحن في عويل في ثبوت أصل الحقيقة ، فكيف يتأتّى لنا دعوى ثبوت الغلبة التي هي المناط في ثبوت الإقرار بها ؛ إذ لولاها لكان اللفظة من قبيل الألفاظ المشتركة التي لا تحمل على أحد معانيها إلاّ بقرينة صارفة.
وبالجملة ، فهذا القول ضعيف غايته ، كما في التنقيح (١) من التفصيل بين كون المقرّ عارفاً باللغة فالأوّل ، وإلاّ فالثاني ، لعدم وضوح وجه له ولا حجّة. فإذاً المصير إلى قول الشيخ لا يخلو عن قوّة ؛ عملاً بأصالتي براءة الذمة ، وبقاء الحقيقة اللغوية.
( ولو قال ) بعد قول لي عليك كذا : ( أنا مقِرّ ، لم يلزمه ) الإقرار به ؛ لعدم مذكورية المقرّ به ، فيجوز تقديره بما يطابق الدعوى وغيره ، ولا دلالة للعام على الخاص ، فيرجع حينئذ إلى الأصل ( إلاّ أن يقول به ) [ أي (٢) ] بدعواك فيلزمه ، لأصالة عود الضمير إلى الكلام.
__________________
(١) التنقيح الرائع ٣ : ٤٨٧.
(٢) في « الأصل » و « ر » : أو.