خلافاً للدروس (١) ، فلم يجعله إقراراً أيضاً ؛ إذ غايته الإقرار بالدعوى ، وهو أعمّ من الإقرار بها للمدّعي ولغيره.
ويضعف بتبادر الأوّل فيؤخذ به. بل لا يبعد حصول الإقرار بالأول أيضاً ، وفاقاً لمحتمل الفاضل المقداد (٢) والسيّد في شرحهما على الكتاب ؛ لأنّ وقوعه عقيب الدعوى يقتضي صرفه إليها ، عملاً بالقرينة ، والتفاتاً إلى قوله سبحانه ( أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا ) (٣). وأنّه لو جاز تعلّقه بغير الدعوى لزم حمله على الهذر ، فإنّ من ادّعي عليه بدين ، فقال : أنا مقرّ بكون السماء فوقنا والأرض تحتنا ، عدّ هذراً ، ودفعه عن كلام العاقل مقصود شرعاً.
وبالجملة ، فالمرجع في حصول الإقرار إلى فهم المعنى من اللفظ عرفاً ، وربما اختلف باختلاف حال المتكلم وكونه من أهل التورية وعدمه.
( ولو قال ) بعد القول المتقدم : ( بعنيه أو هبنيه فهو إقرار ) بعدم ملك المقرّ ، لأنه طلب شراءه أو اتّهابه.
وهل يكون إقراراً للمخاطب بالملكية؟ فيه وجهان : أجودهما نعم ؛ عملاً بالظاهر المتبادر الناشئ من أنّ الأغلب في البائع والواهب كونه هو المالك دون الوكيل ، فإنّه نادر. وبه يظهر ضعف وجه احتمال العدم.
وكيف كان ، فهو إقرار له باليد قولاً واحداً. فإن ادّعاه ولم يوجد له منازع حكم له به.
ولو قال : اشترِ مني أو اتّهب ، فقال : نعم ، كان إقراراً ، ويجري فيه
__________________
(١) الدروس ٣ : ١٢٢.
(٢) التنقيح الرائع ٣ : ٤٨٨.
(٣) آل عمران : ٨١.