مما تقدّم إليه الإشارة ، فلا تخصِّص الأصل المقطوع به الدالّ على براءة الذمة.
وحيث إنّ العرف المرجوع إليه خاصّة على المختار ليس بمنضبط ، بل يختلف باختلاف المواضع والأحوال ، وجب أن يجعل النظر إلى القرائن والخصوصيّات الواقعة في كلّ مقام هو الضابط والمعيار.
فلو كان اللفظ صريحاً في التصديق ، لكن انضمّ إليه قرائن تصرفه إلى الاستهزاء بالتكذيب ، كطريقة أداء اللفظ ، وتحريك الرأس الدالّ على الإنكار ، كما إذا ادّعى عليه أحد أنّه أقرضه مالاً ، فقال : صدقت ، على سبيل الاستهزاء ، أو قال : لي عليك ألف ، فقال : بل أُلوف ، لم يكن إقراراً.
وحكي التصريح بذلك عن التذكرة (١) ، وتبعه جماعة (٢).
ولو قال : لك عليّ كذا إن شهد به فلان ، أو إن شئتُ ، أو إن شئتَ ، أو إن قدم زيد ، أو إن رضي فلان ، أو نحو ذلك مما يدلّ على التعليق وعدم التنجيز لا يكون إقراراً ، بلا خلاف بل عليه في الأول الاتّفاق في المسالك (٣) ؛ وهو الحجة فيه.
مضافاً إلى الأصل ، وأنّ وقوع المعلّق مشروط بوجود المعلّق عليه ، وهو مناف لمقتضى الخبر اللازم في الإقرار في الجميع.
ثم الألفاظ التي يقع بها الإقرار صريحاً على أنواع :
منها : ما يفيد الإقرار بالدين كذلك ، ك « في ذمّتي ».
ومنها : ما يفيده ظاهراً ، ك « عليّ ».
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١٤٤.
(٢) انظر جامع المقاصد ٩ : ١٩٦ ، ١٩٧ ، والكفاية : ٢٣٠.
(٣) المسالك ٢ : ١٦٢ ، ١٦٣.