وبمعناه قوله سبحانه ( كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) (١) وقريب منها آيات أُخر (٢).
( ولا يختص لفظاً ) بل يكفي فيه كلّ لفظ يفيد الإخبار بأيّ لغة كان ، بلا خلاف ، بل عن التذكرة عليه الإجماع (٣) ؛ وهو الحجة ، مضافاً إلى اشتراك الجميع في التعبير عما في الضمير المعبّر عنه بالإقرار عرفاً.
والمعتبر فيه الدلالة العرفية دون اللغوية ، فتقدّم عليها حيث حصل بينهما معارضة ؛ لأنّ الظاهر من حال المقرّ تكلّمه بحسب عرفه إلاّ أن يكون عارفاً باللغة ، ووجدت قرينة على إرادته معناها دون عرفه ، فتكون حينئذ عليه مقدمة ، ولكنه غير مفروض المسألة.
ويتفرّع على هذا الأصل أحكام كثيرة منها : ما إذا قال : إن شهد لك عليّ فلان فهو صادق ، فالأقرب وفاقاً لأكثر المتأخرين كما في المسالك والكفاية (٤) أنه ليس إقراراً ، بناءً على أنّ المفهوم منه عرفاً أنّ هذه الشهادة ممتنعة الوقوع من الشخص المذكور ، لامتناع الكذب عليه بحسب اعتقاد المتكلم ، فالغرض أن ذلك لا يصدر عنه.
ونحو هذا كثير في المحاورات العرفية ، سيّما العوام ومن لا معرفة له بمعاني الألفاظ اللغوية ، فيقال : إن شهد فلان أني لست من أبي ، أو واجب القتل فهو صادق.
خلافاً للمبسوط وجماعة (٥) ، فجعلوه إقراراً ؛ لحجّة معلومة الجواب
__________________
(١) النساء : ١٣٥.
(٢) آل عمران : ٨١ ، الأعراف : ١٧٢ ، التوبة : ١٠٢.
(٣) التذكرة ٢ : ١٤٤.
(٤) المسالك ٢ : ١٦٢ ، الكفاية : ٢٣٠.
(٥) المبسوط ٣ : ٢٢ ؛ وانظر الجامع للشرائع : ٣٦٠ ، والشرائع ٣ : ١١٠ ، والقواعد ١ : ٢٧٦.