القول الأوّل إليهم في الكتاب الأوّل من التنافي (١). ووافقه في النسبة الثانية خالي العلاّمة المجلسي طاب رمسه (٢). ولم يظهر للعبد وجه صحّةٍ لها ، بل الذي يظهر من تتبّع كلمات القوم هو صحّة النسبة الاولى.
وهنا قول رابع حكاه جماعة (٣) ، وهو كالثالث إلاّ أنّه أطلق فيه جواز نذر المباح في الشقّ الثاني وقال بصحّته مطلقاً ولو كان متساوي الطرفين. ولم أقف على قائله ، مع أنّه ضعيف كسابقه.
نعم ، يمكن اختيار الصحّة في المباح الراجح ديناً إذا كان راجعاً إلى الطاعة ، كما إذا قصد به التقوّي على العبادة ، ومنع النفس عن الشهوات المهلكة ؛ لرجوعه إلى قصد القربة.
ويشترط فيه أيضاً كونه ( مقدوراً للناذر ) بلا خلاف ؛ لاستحالة التكليف بالممتنع مطلقاً. والمراد بمقدوريّته صلاحيّة تعلّق القدرة منه به عادةً في الوقت المضروب له فعلاً كان أو قوّةً. فإن كان وقته معيّناً اعتبرت فيه ، وإن كان مطلقاً فالعمر.
واعتبرنا ذلك مع كون المتبادر من كلامهم القدرة الفعلية ، لأنّها غير مرادة لهم كما صرّحوا به كثيراً (٤) ، لحكمهم بأنّ الناذر للحجّ العاجز عنه بالفعل الراجي للقدرة ينعقد نذره ويتوقّعها في الوقت ، فإن خرج وهو عاجز بطل.
وكذا الناذر للصدقة بمال وهو فقير ، ونحو ذلك.
__________________
(١) أي : المسالك.
(٢) ملاذ الأخيار ١٤ : ٨٣.
(٣) منهم : الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٢٠٥ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٢٩.
(٤) كالمسالك ٢ : ٢٠٥ ، والكفاية : ٢٢٩.