ولو استشعر الإمام خيانة جاز له أن ينبذ العهد إليهم ، وينذرهم.
ولا يجوز نبذ الجزية بمجرد التهمة ، ولو شرط مع الضعف عشر سنين فزال الضعف وجب الوفاء بالشرط.
وحكم الفاسد أن لا يغتال إلاّ بعد الإنذار ، ويجب الوفاء بالشرط الصحيح.
______________________________________________________
اغتياله ، واحتمال عود الضمير إلى المشركين بعيد ، فان توحيد ضمير ( منه ) و ( ينذر ) و ( لا يغتال ) يأبى ذلك.
قوله : ( ولا يجوز نبذ الجزية بمجرد التهمة ).
فرق بينهما بأمور :
الأول : إن عقد الذمة لمصلحة أهل الكتاب ، ولهذا تجب على الإمام إجابتهم عليه ، وعقد الهدنة والأمان لمصلحة المسلمين لا لحقهم ، فافترقا.
وفيه نظر ، فان عقد الذمة أيضا لمصلحة المسلمين ، ولهذا لو كان فيه مضرة للمسلمين لم يجز عقدها.
ولو فرّق : بأن لأهل الكتاب في عقد الجزية حق ، بخلاف الهدنة ـ فإنها لمحض مصلحة المسلمين ، فما دام لم يظهر المقتضي لنبذة يجب التمسك به ، لوجوب إجابتهم إليه مع عدم ظهور المفسدة ـ لكان أولى.
الثاني : إن عقد الذمة آكد ، لأنه عقد معاوضة ومؤبد ، بخلاف الهدنة والأمان ، ومما يدل على تأكيده : أنه لو نقض بعض أهل الذمة وسكت الباقون لم ينتقض عهدهم ، ولو كان في الهدنة انتقض ، صرح به الأصحاب ، ومنهم المصنف في المنتهى (١) والتذكرة (٢) ، وتأثيره في الفرق غير ظاهر.
الثالث : إن عقد الهدنة منوط بحال الضرورة ، ومع خوف الخيانة فالضرورة تقتضي عدمه ، بخلاف عقد الجزية.
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٩٨٠.
(٢) التذكرة ١ : ٤٥٠.