وهي جائزة مع المصلحة للمسلمين ، وواجبة مع حاجتهم إليها ، إما لقلتهم ، أو لرجاء إسلامهم مع الصبر ، أو ما يحصل به الاستظهار ،
______________________________________________________
فإن جاز اشتراطه وأراد به : أنه ليس كالجزية من شرطه العوض فيجوز بعوض ، لأنه شرط سائغ لا ينافي مقصود المهادنة ، فيجوز اشتراطه للعموم.
قوله : ( وواجبة مع حاجتهم إليها ).
في التذكرة (١) والمنتهى (٢) : إنها لا تجب بحال ، لعموم الأمر بالقتال ، ولفعل الحسين صلوات الله عليه.
وجوابه ظاهر ، فإن الأمر بالقتال مقيد بمقتضى ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٣). وأما فعل الحسين صلوات الله عليه فإنه لا نعلم منه أنّ المصلحة كانت في المهادنة وتركها ، ولعله عليهالسلام علم أنه لو هادن يزيد عليه اللعنة لم يف له ، أو أنّ أمر الحق يضعف كثيرا بحيث يلتبس على الناس ، مع أن يزيد لعنه الله كان متهتكا في فعله ، معلنا بمخالفة الدين ، غير مداهن كأبيه لعنة الله عليهما ، ومن هذا شأنه لا يمتنع أن يرى إمام الحق وجوب جهاده وإن علم أنه يستشهد ، على أنه عليهالسلام في الوقت الذي تصدى للحرب فيه لم يبق له طريق إلى المهادنة ، فإن ابن زياد لعنه الله كان غليظا في أمرهم عليهمالسلام ، فربما فعل بهم ما هو فوق القتل أضعافا مضاعفة.
قوله : ( أو لرجاء إسلامهم مع الصبر ).
في إدخال هذا القسم في الحاجة مناقشة ، بل هو بما فيه مصلحة ألصق ، وبالجواز أشبه ، اللهم إلاّ أن تظهر علامات إرادتهم الإسلام ، بحيث يغلب على الظن ذلك ، فإنه يبعد القول بجواز قتالهم حينئذ.
قوله : ( أو ما يحصل به الاستظهار ).
أي : أو لرجاء ما يحصل به الاستظهار ، بأن يكون في المسلمين قوة وفي
__________________
(١) التذكرة ١ : ٤٤٧.
(٢) المنتهى ٢ : ٩٧٤.
(٣) البقرة : ١٩٥.