______________________________________________________
معنى القضاء هنا : هو الإتيان بمثل ما خرج عنه ، ويكون الضمير راجعا إلى ما دل عليه الكلام ، وهو الحج الذي أفسده ، وتحلل منه بالصد.
ويفهم من عبارة الشرائع (١) ، أنّ المراد بكونه يقضى لسنته : عدم وجوب حج آخر غيره (٢). وهو إنما يتم على القول بأنّ الأولى عقوبة ، وأن العقوبة إذا تحلل منها بنحو الصد لا تقضى ، فإنه يجب حينئذ أن يأتي بحج الإسلام اتفاقا ، ولا قضاء عليه. ويكون منشأ هذا الاشكال هو منشأ ما قبله ، أعني : أنّ العقوبة إذا تحلل منها بالصد هل تقضى أم لا؟ وعلى الأول يكون منشأ الإشكال اختلاف القولين في أنّ الأولى حجة الإسلام أم العقوبة؟
وهذا أليق بالمقام من وجهين :
الأول : إنّ المصنف يرى أنّ الاولى عقوبة ، وقد سبق في إفساد النائب في أول كتاب الحج ما يقتضي ذلك ، فكيف يبنى الاشكال على مالا يقول به ولا يرتضيه ، أعني : الخلاف في كونها حجة الإسلام أو العقوبة؟
الثاني : إنه على تقدير أن يكون المراد بكون الحج مقضيا لسنته : الإتيان بمثل ما خرج منه لا وجه لتصوير المسألة فيمن أفسد فصد ، بل كل من صدّ إذا تحلل فانكشف العدو ، وفي الوقت سعة يجب عليه الحج ، ويأتي بمثل ما خرج منه.
والظاهر أنّ المصنف والجماعة إنما فرضوا المسألة هنا لأنّ لها بهذا المبحث ارتباطا ، بل كان التقييد في تصوير المسألة بالإفساد مستدركا ومخلا بالفهم ، لأنه يوهم أنّ للقيد دخلا في تصوير المسألة. وينبه على هذا قول شيخنا الشهيد في بعض حواشيه : وليس معنى « حج يقضى لسنته » إلا هذا.
وقد صرح بالمراد في الدروس حيث قال : ولو زال الإحصار بعد التحلل قضى الحج مع سعة الزمان لسنته (٣) ، بناء على أنّ الأولى عقوبة ، وأنها تسقط
__________________
(١) في « ن » : الشارح.
(٢) الشرائع ١ : ٢٨١.
(٣) الدروس : ١٠٦.