حسيّاً كالغزل ، أم قلبيّاً كاليمين والميثاق والعهد ، بشهادة أنّه سبحانه نسب النقض إلى هذه الأُمور الثلاثة التي تفقِد الهيئة الاتصالية ولكن فيها الإبرام والاستحكام قال سبحانه : ( وَلاتَنْقُضُوا الأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ). (١) وقال سبحانه : ( وَالّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ) (٢) وقال سبحانه : ( فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بآياتِ اللّه ... ) (٣) إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ اليقين أمر فيه إبرام واستحكام ـ كالأُمور الثلاثة السالفة الذكر ـ تصح نسبة النقض إليه بلا تجوّز ، ولاحاجة إلى تفسير اليقين بالمتيقن ، ويكون المقصود ، حرمة نقض مطلق اليقين سواء تعلّق بما أحرز فيه المقتضي أم لا.
وأمّا الوجه الثاني : فاليقين والمتيقن في امتناع التكليف بعدم نقضها سواء ، أمّا اليقين فكما مرّ ، وأمّا المتيقن فهو لايخلو إمّا أن يكون حكماً شرعياً أو موضوعاً خارجياً ؛ أمّا الحكم الشرعي فرفعه بيد اللّه سبحانه ، وأمّا الموضوع الخارجي كحياة زيد فهو على عاتق العلل التكوينية ، ولا صلة لها بالمكلف.
نعم إذا أُريد من حرمة نقض المتيقّن حرمة نقض آثار المتيقّن كالصلاة مع الوضوء المستصحب فهو أمر داخل تحت الاختيار ولكنّه لايختص بآثار المتيقّن ، بل يعمّ حرمة آثار اليقين أيضاً ، فهي أيضاً أمر اختياري.
فإن قلت : إذا كان الهدف إبقاء اليقين بما له من الآثار فتنحصر حجّية الاستصحاب باليقين الموضوعي ، دون الطريقي ، إذ ليس لليقين أثر شرعي إلاّ في اليقين الموضوعي ، فإذا قال : للّه عليّ أن أُصدِّق إذا علمتُ بحياة زيد ، فالأثر
__________________
١. النحل : ٩١.
٢. الرعد : ٢٥.
٣. النساء : ١٥٥.