الثاني : النسبة بين الاستصحاب والأصل الشرعي
المراد من الأصل الشرعي ، البراءة النقلية كحديث الرفع ، وأصالة الطهارة مثل قوله : « كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر » ، وأصالة الحليّة مثل قوله : « كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » فهل الاستصحاب وارد عليها أو لا؟
تقدّمه عليها من باب الورود
ذهب المحقّق الخراساني إلى أنّ النسبة هي الورود ، وهو وإن لم يصرّح بذلك ، لكن قال ما يستفاد منه ذلك ، حيث قال : النسبة بينه وبينها هي بعينها النسبة بين الأمارة وبينه ، فيقدّم عليها.
ثمّ قال : ولا مورد معه لها [ وإلاّ ] يلزم محذور التخصيص ، إلاّ بوجه دائر في العكس ، وعدم محذور فيه [ أي تقدم الاستصحاب على الأُصول ] أصلاً.
ثمّ إنّ كلامه في الفقرة الثانية واضح ، وسيوافيك نقده عند البحث في الأصل السببي والمسببيّ ، ولكنّه في الفقرة الأُولى غير واضح ، إذ لم يعلم وجه ورود الاستصحاب على هذه الأُصول ، لكنّه قدسسره أشار إلى وجهه في تعليقته على الفرائد وقال : إنّ الموضوع في الأُصول الثلاثة هو المشكوك من جميع الجهات الأوّلية والثانوية ، فالمشكوك من كلّ جهة ، حكمه البراءة والطهارة والحلية ، ومع جريان الاستصحاب يرتفع الموضوع حيث يكون معلوم الحكم من حيث العنوان الثاني ، أعني : نقض اليقين بالشك ، بخلاف الاستصحاب فانّ الموضوع فيه الشكّ من حيث العنوان الأوّلي ، وهو باق بعد جريان الأُصول الثلاثة. (١)
يلاحظ عليه : أنّه لا دليل على أنّ الشكّ في دليل الاستصحاب هو الشكّ
__________________
١. درر الفوائد على الفرائد : ٢٤١ ، بتلخيص منّا.