٢. الترجيح بالشهرة العملية
قد ورد الترجيح بالشهرة العملية في رواية واحدة ، وهي نفس رواية عمر بن حنظلة الآنفة الذكر ، وقد سبق نقل صدرها في المرجح الأوّل ، وإليك نقل مقطع آخر من الرواية يمت إلى هذا المرجح بصلة.
قلت : فإنّهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لايفضَّل واحد منهما على الآخر.
قال : فقال : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الّذي حكما به ، المجمعَ عليه من أصحابنا فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشّاذّ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الأُمور ثلاثة : أمرٌ بيّن رشده فيُتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه وإلى رسوله ، قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لايعلم ». (١)
ويرد على الاستدلال بالحديث انّ الشهرة العملية تُميِّز الحجة عن اللا حجة ، بخلاف المرجح فانّه يرجح إحدى الحجّتين على الحجة الأُخرى ، ويعلم ذلك من تحليل ذلك المقطع من الرواية في ضمن أُمور :
١. المراد من « المجمع عليه » ليس ما اتّفق الكل على روايته ، بل المراد ما هو المشهور بين الأصحاب في مقابل ما ليس بمشهور ، والدليل على ذلك قول الإمام عليهالسلام : « ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ».
٢. المراد من اشتهار الرواية بين الأصحاب هو اشتهارها مع الإفتاء
__________________
١. الكافي : ١ ، باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم ، الحديث ١٠.