التفسير الثاني للرواية
قدعرفت أنّ استفادة دلالة الرواية على حجّية الاستصحاب مبنيّة على كون متعلّق اليقين والشك هو عدم الإتيان بالركعة الرابعة ، وهناك احتمال آخر لها ـ ذكره الشيخ الأنصاري ـ وهو أنّ المراد من اليقين هو « اليقين بالبراءة » الذي هو رهن العمل في باب الشكوك بالطريقة المروية عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، لا على الطريقة التي عليها أهل السنّة ، والذي يشهد بذلك أمران :
١. موثقة إسحاق بن عمّار : قال : قال لي أبو الحسن الأوّل عليهالسلام : « إذا شككت فابن على اليقين » قال : قلت : هذا أصل؟ قال : « نعم ». (١)
٢. ما رواه عمّار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « ألا أُعلّمك شيئاً إذا فعلتَه ثمّ ذكرتَ أنّك أتممت أو انقضت لم يكن عليك شيء؟ » قلت : بلى : قال : « إذا سهوتَ فابن على الأكثر ، فإذا فرغتَ وسلّمت ، فقم فصلّ ما ظننت أنّك نقصت ، فإن كنتَ قد أتممتَ لم يكن عليك في هذه شيء ، وإن ذكرتَ أنّك كنتَ نقضتَ كان ما صلّيتَ تمام ما نقصت ». (٢)
إلى غير ذلك من الروايات الحاثّة على أنّ البناء على الأكثر والإتيان بالمشكوك مفصولاً هو المحصِّل لليقين بالبراءة ، وعلى ذلك فالمراد من عدم نقض اليقين ، والبناء على اليقين ، هو الأخذ باليقين والاحتياط بالبناء على الأكثر ، دون الأقل.
يلاحظ عليه : أولاً : أنّه لا دليل لحمل الأولى على باب الشكوك في الركعات ، بل هو قاعدة تعمّ جميع أبواب الفقه ، ومفاده : كلّما شكّ المكلّف في شيء فعليه
__________________
١ و ٢. الوسائل : الجزء ٥ ، الباب ٨ من أبواب الخلل ، الحديث ٢ و ٣.