قولك : « أكرم العالم » بالنسبة إلى قولك : « لاتكرم الجاهل » فالحكمان وإن كانا متناقضين ، لكنّه صوريّ ، لعدم وحدة موضوعهما نظير قولك : الخلّ حلال ، والخمر حرام ، فالحكمان متضادان ، لكنّ التضاد صوري لعدم وحدة الموضوع.
٢. الورود
هو رفع أحد الدليلين ، موضوع الدليل الآخر حقيقة لكن بعناية التشريع على نحو لولا عنايته لما كان للوارد هذا الشأن ، وذلك مثل الأمارات بالنسبة إلى الأُصول العقلية والشرعية.
أمّا الأُولى فلأنّ موضوع أصالة البراءة العقلية ، هو عدم البيان ، وموضوع أصالة الاشتغال ، هو احتمال العقاب مع العلم بالتكليف والشكّ في المكلّف به ، وموضوع أصالة التخيير هو التحيّر وعدم المرجح ، لكن الأمارة الشرعية لثبوت حجّيتها بالدليل القطعي ، تكون بياناً في مورد الأُولى ، ومؤمِّنةً عن العقاب في مورد الثانية ، ومرجّحةً ورافعةً للتحيّر في مورد الثالثة ، وعند ذاك لا موضوع لهذه الأُصول الثلاثة العقلية.
وبالجملة : انّ الأمارة وإن كانت حجّة ظنيّة غير مفيدة للعلم الوجداني كما في مورد التخصّص ، لكن لمّا قام الدليل القطعي على حجيتها وصار مصداقاً لقوله عليهالسلام : « ما أدّيا عنّي فعنّي يؤدِّيان » صارت بياناً في مورد عدم البيان ، ومؤمِّنةً عن العقاب ، ومرجحةً لأحد الطرفين ، فتكون رافعة لموضوع الأُصول الثلاثة العقلية حقيقة ، لكن بعناية التشريع وإضفاء الحجّية عليها ، بحيث لولا الإضفاء والعناية لكانت في عرض الأُصول العقلية.
ومنه يظهر حالها بالنسبة إلى الأُصول الشرعية سواء كانت غير محرزة كأصل البراءة الشرعية ، ومثلها أصالتا الحلّية والطهارة ، أم محرزة كالاستصحاب وأصالة