ثالث على حرمة الفاسق ، فالتخصيص بهما يوجب أن لايبقى للعام فرد ، لانّ العادل منهم يجب إكرامه ، والفاسق يحرم وليس بين العادل والفاسق واسطة ، فعندئذ يدخل المورد في المتعارضين ، أحدهما العام والآخرهما الخاصان ، وحينئذ فإذا كان الترجيح معهما يطرح العام ، وإن كان الترجيح مع العام يتخير في التخصيص بأيِّ واحد من الخاصين ولايجوز طرحهما لعدم العلم بكذبهما معاً.
الصورة الثانية : إذا كان هناك عام وخاصان ، وكانت النسبة بين الخاصين هو العموم والخصوص المطلق ، كما إذا ورد : صلّ خلف كلّ مسلم ، ثمّ ورد لاتصلّ خلف شارب الخمر ، ثمّ ورد : لاتصلّ خلف الفاسق.
وبما انّ نسبة الخاصين إلى العام نسبة واحدة حيث إنّ كلاً منهما أخص من العام ـ وإن كانت النسبة بينهما مختلفة حيث إنّ أحد الخاصين عام بالنسبة إلى الآخر. يخصّص العام بهما معاً ، وتكون النتيجة : صلّ خلف كلّ مسلم غير الفاسق ، وأمّا ذكر شارب الخمر فلأجل كون الحكم فيه آكد.
هذا على مسلك الشيخ ، وأمّا على مسلك النراقي فلو خصّص العام بالخاص الأوّل تكون النتيجة صلّ خلف كلّ مسلم غير شارب الخمر ، فلو نسب هذا الموضوع إلى موضوع الخاص الثاني ، أي قوله : « لاتصلّ خلف الفاسق » تنقلب النسبة من الخصوص المطلق إلى العموم والخصوص من وجه ، وذلك لأنّ المسلم العادل داخل تحت الأمر ولايشمله النهي ، كما أنّ المسلم شارب الخمر داخل تحت النهي ( الخاص الأوّل ) ، فيبقى الفاسق لأجل الغيبة والكذب فيتعارض فيه كلّ من الأمر والنهي.
فعلى الأوّل يجوز الصلاة خلفه ، لأنّه يكفي فيه كون الإمام مسلماً غير شارب الخمر ، وعلى الثاني يحرم الاقتداء لكون الموضوع هو الفسق.