أمّا الأوّل ، كما إذا غُسل الثوب النجس ، بماء مستصحب الطهارة ، فكلّ من استصحاب طهارة الماء ونجاسة الثوب وإن كانا متناقضين ، لكن الشكّ في نجاسة الثوب نابع من الشكّ في طهارة الماء بحيث لو علم شرعاً طهارة الماء ، لزال الشكّ من ناحية الثوب.
والثاني ، كما إذا علمنا بوقوع قطرة دم في الإناءين الطاهرين ، فانّ الشك في طهارة كلّ منهما ، نابع من أمر ثالث وهو العلم الإجمالي بوقوع قطرة دم فيهما ولولاه لم يكن هنا أي شك.
الثالث : انّ الميزان في الأصل السببي ، هو ما ذكرنا وهو أن يكون الشكّ في أحدهما مسبّباً من الشكّ في الآخر ، بحيث لو أُزيل الشك في ناحية السبب لزال الشكّ في ناحية المسبب شرعاً. ومقتضى ذلك أن يكون الترتب بينهما شرعياً ، كما إذا رتّب الشارع إزالة الشك في ناحية الثوب ، على طهارة الماء ، وقال : « كلّ ثوب غُسل بماء طاهر فهو طاهر » فخرج ما إذا كان الترتب عقلياً ، كاستصحاب الإنسان الكلّي ، فهو يلازم وجود الفرد ، لأنّ بقاء الكلّي في ضمن بقاء الفرد ، لكنّ الترتّب عقلي لا شرعي حيث يحكم العقل بأنّ الكلّ لايتحقق إلاّ في ضمن أفراد.
إذا عرفت ذلك فلنركِّز البحث على الأصلين الطوليين ، فنقول : استدل الشيخ الأنصاري على تقديم الأصل السببي بوجوه أربعة ، والمحقّق الخراساني بوجه واحد وهو :
تقدّم الأصل السببي على المسببي
إنّ الاستصحاب في طرف المسبب موجب لتخصيص الخطاب وجواز نقض اليقين بالشكّ في طرف السبب بعدم ترتيب أثره الشرعي ، فانّ من آثار